الله كذبا أو كذب بآياته) أما افتراء الكذب. عليه تعالى فبإثبات الشريك، له ولا شريك له، أو دعوى النبوة أو نسبة حكم إليه كذبا وابتداعا، وأما تكذيب آياته الدالة عليه فكتكذيب النبي الصادق في دعواه المقارنة للآيات الإلهية أو إنكار الدين الحق، ومنه إنكار الصانع أصلا.
والآية تنطبق على المشركين، وهم أهل الأوثان الذين إليهم وجه الاحتجاج من جهة أنهم أثبتوا لله سبحانه شركاء بعنوان أنهم شفعاء مصادر أمور في الكون، وإليهم ينتهى تدبير شؤون العالم مستقلين بذلك، ومن جهة إنهم أنكروا آياته تعالى الدالة على النبوة والمعاد.
وربما الحق بعضهم بذلك القائلين بجواز شفاعة النبي صلى الله عليه وآله أو الطاهرين من ذريته أو الأولياء الكرام من أمته فقضى بكون الاستشفاع بهم في شئ من حوائج الدنيا أو الآخرة شركا تشمله الآية وما يناظرها من الآيات الشريفة.
وكأنه خفى عليهم أنه تعالى أثبت الشفاعة إذا قارنت الاذن في كلامه من غير أن يقيده بدنيا أو آخرة، فقال عز من قائل: (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) (البقرة: 255).
على أنه تعالى قال: (ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون): (الزخرف: 86) فأثبت الشفاعة حقا للعلماء الشهداء بالحق، والقدر المتيقن منهم الأنبياء ومنهم النبي صلى الله عليه وآله، وقد أثبت الله سبحانه شهادته بقوله: (وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) (النساء: 41) ونص على علمه حيث قال: (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ) (النحل: 89)، وقال: (نزل به الروح الأمين على قلبك) (الشعراء: 194) وهل يعقل نزول الكتاب الذي هو تبيان كل شئ على قلب من غير علم به، أو بعثه تعالى إياه شهيدا وليس بشهيد بالحق؟ وقال الله تعالى: (لتكونوا شهداء على الناس) (البقرة: 143)، وقال: (ويتخذ منكم شهداء) (آل عمران:
140) وقال تعالى: (وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون) (العنكبوت:
43) فأثبت في هذه الأمة شهداء علماء ولا يثبت إلا الحق.
وقال تعالى في أهل بيته عليه السلام: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس