تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٣٧٨
فالمعنى: ومما حرم ربكم عليكم ووصاكم به أن لا تتبعوا السبل التي دون هذا الصراط المستقيم الذي لا يقبل التخلف والاختلاف وهى غير سبيل الله فإن اتباع السبل دونه يفرقكم عن سبيله فتختلفون فيه فتخرجون من الصراط المستقيم إذ الصراط المستقيم لا اختلاف بين أجزائه ولا بين سالكيه.
ومقتضى ظاهر السياق أن يكون المراد بقوله: (صراطي) صراط النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنه هو الذي يخاطب الناس بهذه التكاليف عن أمر من ربه إذ يقول: (قل تعالوا أتل) الخ، فهو المتكلم معهم المخاطب لهم، ولله سبحانه في الآيات مقام الغيبة حتى في ذيل هذه الآية إذ يقول: (فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم) به ولا ضير في نسبة الصراط المستقيم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقد نسب الصراط المستقيم إلى جمع من عبادة الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في قوله: (اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم) (الحمد: 7).
لكن المفسرين كأنهم تسلموا أن ضمير التكلم في قوله: (صراطي) لله سبحانه ففي الآية نوع من الالتفات لكن لا في قوله: (صراطي) بل في قوله: (عن سبيله) فإن معنى الآية: تعالوا أتل عليكم ما وصاكم به ربكم وهو أنه يقول لكم: (إن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه) أو وصيته (أن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيلي) فالالتفات - كما مر - إنما هو في قوله: (عن سبيله).
وكيف كان فهو تعالى في الآية يسمى ما ذكره من كليات الدين بأنه صراطه المستقيم الذي لا تخلف في هداية سالكية وإيصالهم إلى المقصد ولا اختلاف بين أجزائه ولا بين سالكيه ما داموا عليه فلا يتفرقون البتة ثم ينهاهم عن اتباع سائر السبل فإن من شأنها إلقاء الخلاف والتفرقة لأنها طرق الأهواء الشيطانية التي لا ضابط يضبطها بخلاف سبيل الله المبنى على الفطرة والخلقة ولا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم. ثم أكد سبحانه حكمه في الآية بقوله: (ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون).
وقد اختلفت الخواتيم في الآيات الثلاث فختمت الآية الأولى بقوله: (ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون) والثانية بقوله: (ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون) والثالثة بقوله: (ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون).
(٣٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346