تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٣٦٧
للتعليل فيكون الكلام من قبيل قلب الحجة على الخصم بعد بيان مقتضاها.
والمعنى ان نتيجه الحجة قد التبست عليكم بجهلكم واتباعكم الظن وخرصكم في المعارف الإلهية فحجتكم تدل على أن لا حجة لكم في دعوته إياكم إلى رفض الشرك وترك الافتراء عليه، وإن الحجة إنما هي لله عليكم فإنه لو شاء لهداكم أجمعين وأجبركم على الايمان وترك الشرك والتحريم، وإذ لم يجبركم على ذلك وأبقاكم على الاختيار فله أن يدعوكم إلى ترك الشرك والتحريم.
وبعبارة أخرى: يتفرع على حجتكم أن الحجة لله عليكم لأنه لو شاء لاجبر على الايمان فهداكم أجمعين، ولم يفعل بل جعلكم مختارين يجوز بذلك دعوتكم إلى ما دعاكم إليه.
وقد بين تعالى في طائفة من الآيات السابقة أنه تعالى لم يضطر عباده على الايمان ولم يشأ منهم ذلك بالمشية التكوينية حتى يكونوا مجبرين عليه بل أذن لهم في خلافه وهذا الاذن الذي هو رفع المانع التكويني هو اختيار العباد وقدرتهم على جانبي الفعل والترك، وهذا الاذن لا ينافي الامر التشريعي بترك الشرك مثلا بل هو الأساس الذي يبتنى عليه الأمر والنهي.
قوله تعالى: (قل هلم شهداءكم الذين يشهدون) إلى آخر الآية، هلم شهداءكم أي هاتوا شهداءكم وهو اسم فعل يستوى فيه المفرد والمثنى والمجموع، والمراد بالشهادة شهادة الأداء والإشارة بقوله: (هذا) إلى ما ذكر من المحرمات عندهم، والخطاب خطاب تعجيزي أمر به الله سبحانه ليكشف به أنهم مفترون في دعواهم أن الله حرم ذلك فهو كناية عن عدم التحريم.
وقوله: (فإن شهدوا فلا تشهد معهم) في معنى الترقي، والمعنى: لا شاهد فيهم يشهد بذلك فلا تحريم حتى أنهم لو شهدوا بالتحريم فلا تشهد معهم إذ لا تحريم ولا يعبا بشهادتهم فإنهم قوم يتبعون أهواءهم.
فقوله: (ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا) الخ، عطف تفسير لقوله: (فإن شهدوا فلا تشهد معهم) أي أن شهادتك اتباع لأهوائهم كما أن شهادتهم من اتباع الأهواء وكيف لا؟ وهم قوم كذبوا بآيات الله الباهرة، ولا يؤمنون بالآخرة ويعدلون بربهم
(٣٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346