تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٣٧٧
والشهادات، والوصايا، والفتاوى، والقضايا، والاحكام، والمذاهب، والامر بالمعروف، والنهى عن المنكر.
قوله تعالى: (وبعهد الله أوفوا) قال الراغب في المفردات: العهد حفظ الشئ ومراعاته حالا بعد حال. انتهى. ولذا يطلق على الفرامين والتكاليف المشرعة والوظائف المحولة وعلى العهد الذي هو الموثق وعلى النذر واليمين.
وكثرة استعماله في القرآن الكريم في الفرامين الإلهية وإضافته في الآية إلى الله سبحانه، ومناسبة المورد وفيه بيان الاحكام والوصايا الإلهية العامة كل ذلك يؤيد أن يكون المراد بقوله: (وبعهد الله أوفوا) التكاليف الدينية الإلهية، وإن كان من الممكن أن يكون المراد بالعهد هو الميثاق المعقود بمثل قولنا: عاهدت الله على كذا وكذا، قال تعالى:
(وأوفوا بالعهد أن العهد كان مسؤولا) (الاسراء: 34) فيكون إضافته إلى الله نظير إضافة الشهادة إليه في قوله: (ولا نكتم شهادة الله) (المائدة: 106) للإشارة إلى أن المعاملة فيه معه سبحانه. ثم أكد التكاليف المذكورة في الآية بقوله: (ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون.
قوله تعالى: (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) إلى آخر الآية. قرئ: (وأن) بفتح الهمزة وتشديد النون وتخفيفها وكأنه بالعطف على موضع قوله: (إلا تشركوا به شيئا) وقرئ بكسر الهمزة على الاستئناف.
والذي يعطيه سياق الآيات أن يكون مضمون هذه الآية أحد الوصايا التي أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يتلوها عليهم ويخبرهم بها حيث قيل: (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم) ولازم ذلك أن يكون قوله: (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه) مسوقا لا لتعلق الغرض به بنفسه لان كليات الدين قد تمت في الآيتين السابقتين عليه بل ليكون توطئه وتمهيدا لقوله بعده: (ولا تتبعوا السبل) كما أن هذه الجملة بعينها كالتوطئة لقوله:
(فتفرق بكم عن سبيله) فالمراد بالآية أن لا تتفرقوا عن سبيله ولا تختلفوا فيه، فتكون الآية مسوقة سوق قوله: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) (الشورى: 13) فالامر في الآية بإقامة الدين هو ما وصى من الدين المشروع كأنه أعيد ليكون تمهيدا للنهي عن التفرق بالدين.
(٣٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346