بلقاء ربهم يؤمنون. هذا هو الذي يعطيه سياق الآية المتصل بسياق الآيات الثلاث السابقة.
فقوله: (ثم آتينا موسى الكتاب) رجوع إلى السياق السابق الذي قبل قوله:
(قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم) الآيات، وهو خطاب الله لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم بصيغة المتكلم مع الغير، وقد أفيد بالتأخير المستفاد من لفظة (ثم) أن هذا الكتاب إنما انزل ليكون تماما وتفصيلا للاجمال الذي في تلك الشرائع العامة الكلية.
وقد وجه المفسرون قوله: (ثم آتينا موسى الكتاب) بوجوه غريبة:
منها: أن في الكلام حذفا والتقدير: ثم قل يا محمد آتينا موسى الكتاب.
ومنها: أن التقدير: ثم أخبركم أن موسى أعطى الكتاب.
ومنها: أن التقدير: ثم أتل عليكم: آتينا موسى الكتاب.
ومنها: أنه متصل بقوله في قصة إبراهيم: (ووهبنا له إسحاق ويعقوب) والنظم:
(ووهبنا له إسحاق ويعقوب ثم آتينا موسى الكتاب.) والذي دعاهم إلى هذه التكلفات أن التوراة قبل القرآن ولفظة (ثم) تقتضي التراخي ولازمه نزول التوراة بعد القرآن وقد قيل قبل ذلك: (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم). وما تقدم من البيان يكفيك مؤنة هذه الوجوه.
وقوله: (تماما على الذي أحسن) يبين أن إنزال الكتاب لتتم به نقيصة الذين أحسنوا من بني إسرائيل في العمل بهذه الشرائع الكلية العامة، وقد قال تعالى في قصة موسى بعد نزول الكتاب: (وكتبنا له في الألواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها) (الأعراف: 145) وقال: (وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين) (البقرة: 58) وعلى هذا فالموصول في قوله: (على الذي أحسن) يفيد الجنس.
وقد ذكروا في معنى الجملة وجوها أخرى فقيل: المعنى: تماما على إحسان موسى بالنبوة والكرامة، وقيل: المعنى: إتماما للنعمة على الذين أحسنوا من المؤمنين، وقيل:
المعنى: إتماما للنعمة على الأنبياء الذين أحسنوا، وقيل: المعنى: تماما لكرامته في الجنة على إحسانه في الدنيا، وقيل: المعنى تماما على الذي أحسن الله إلى موسى من الكرامة