تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٣٧٣
أممهم في تبليغاتهم الدينية كالذي نقل من نوح وهود وصالح وإبراهيم ولوط وشعيب وموسى وعيسى وغيرهم عليهم السلام، وقد قال تعالى: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) (الشورى: 13) ومن ألطف الإشارة التعبير عما أوتى نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام بالتوصية ثم التعبير في هذه الآيات الثلاث التي تقص أصول المحرمات الإلهية أيضا بالتوصية حيث قال: (ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون) ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون) (ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون). على أن التأمل فيها يعطى أن الدين الإلهي لا يتم أمره ولا يستقيم حاله بدون شئ منها وإن بلغ من الاجمال والبساطة ما بلع وبلغ الانسان المنتحل به من السذاجة ما بلغ.
قوله تعالى: (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم إلا تشركوا به شيئا قيل تعال مشتق من العلو وهو أمر بتقدير أن الامر في مكان عال وإن لم يكن الامر على ذلك بحسب الحقيقة، والتلاوة قريب المعنى من القراءة، وقوله: (عليكم) متعلق بقوله: (أتل أو قوله: (حرم) على طريق التنازع في المتعلق، وربما قيل: إن (عليكم) اسم فعل بمعنى خذوا وقوله: (أن لا تشركوا) معموله والنظم ج عليكم أن لا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا (الخ)، وهو خلاف ما يسبق إلى الذهن من السياق.
ولما كان قوله: (تعالوا أتل ما حرم) الخ، دعوة إلى التلاوة وضع في الكلام عين ما جاء به الوحي في مورد المحرمات من النهى في بعضها والامر بالخلاف في بعضها الاخر فقال: (إلا تشركوا به شيئا) كما قال: (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق) ولا تقربوا الفواحش) الخ، وقال: (وبالوالدين إحسانا) كما قال: (وأوفوا الكيل والميزان) (وإذا قلتم فاعدلوا) الخ.
وقد قدم الشرك على سائر المحرمات لأنه الظلم العظيم الذي لا مطمع في المغفرة الإلهية معه قال: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) (النساء: 48) وإليه ينتهى كل معصية كما ينتهى إلى التوحيد بوجه كل حسنة.
قوله تعالى: (وبالوالدين إحسانا) أي أحسنوا بالوالدين إحسانا، وفي المجمع:
أي وأوصى بالوالدين إحسانا، ويدل على ذلك أن في (حرم كذا) معنى أوصى بتحريمه
(٣٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346