وفيه بإسناده عن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن قوله الله عز وجل: (وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا) قال: كان أبى يقول: من الاسراف في الحصاد والجذاذ أن يتصدق الرجل بكفيه جميعا، وكان أبى إذا حضر شيئا من هذا فراى أحدا من غلمانه يتصدق بكفيه صاح به: أعط بيد واحدة القبضة بعد القبضة والضغث بعد الضغث من السنبل.
وفيه بإسناده عن مصادف قال: كنت مع أبي عبد الله عليه السلام في أرض له وهم يصرمون فجاء سائل يسأل فقلت: الله يرزقك فقال: مه ليس ذلك لكم حتى تعطوا ثلاثة فإذا أعطيتم فلكم وإن أمسكتم فلكم.
وفيه بإسناده عن ابن أبي عمير عن هشام بن المثنى قال: سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام عن قوله الله عز وجل: (وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) فقال:
كان فلان بن فلان الأنصاري وسماه وكان له حرث، وكان إذا أجذ يتصدق به ويبقى هو وعياله بغير شئ فجعل الله عز وجل ذلك إسرافا.
أقول: المراد انطباق الآية على عمله دون نزولها فيه فإن الآية مكية، ولعل المراد بالأنصاري المذكور ثابت بن قيس بن شماس وقد روى الطبري وغيره عن ابن جريح قال:
نزلت في ثابت بن قيس بن شماس جذ نخلا فقال: لا يأتيني اليوم أحد إلا أطعمته فأطعم حتى أمسى وليست له تمرة فأنزل الله: ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين، والآية كما تقدم مكية غير مدنية فلا يشمل عمل ثابت بن قيس إلا بالجري والانطباق.
وتفسير العياشي عن الصادق عليه السلام: في الآية قال: أعط من حضرك من المسلمين فإن لم يحضرك إلا مشرك فأعط.
أقول: والروايات في هذه المعاني عن أبي جعفر وأبى عبد الله وأبى الحسن الرضا عليهم السلام كثيرة جدا.
وفي الدر المنثور أخرج ابن المنذر والنحاس وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده) قال: ما سقط من السنبل.