(ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون) (المائدة: 103) وقيل: هي بعض هؤلاء على الخلاف السابق في معناها في تفسير آية المائدة.
وقوله: (وانعام لا يذكرون اسم الله عليها) أي ولهم أنعام (الخ) وهى الانعام التي كانوا يهلون عليها بأصنام لا باسم الله، وقيل: هي التي كانوا لا يركبونها في الحج، وقيل:
أنعام كانوا لا يذكرون اسم الله عليها ولا في شأن من شؤونها، ومعنى الآية ظاهر.
قوله تعالى: (وقالوا ما في بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا) إلى آخر الآية، المراد بما في البطون أجنة البحائر والسيب، فقد كانوا يحلونها إذا ولدت حية للرجال دون النساء وإن ولدت ميتة أكلة الرجال والنساء جميعا، وقيل: المراد بها الألبان، وقيل:
الأجنة والألبان جميعا.
والمراد بقوله: (سيجزيهم وصفهم) سيجزيهم نفس وصفهم فإنه يعود وبالا وعذابا عليهم ففيه نوع من العناية، وقيل: التقدير: سيجزيهم بوصفهم، وقيل: التقدير: سيجزيهم جزاء وصفهم، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، والمعنى ظاهر.
قوله تعالى: (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم) الخ، رد لما حكى عنهم في الآيات السابقة من الاحكام المفتراة وهى قتل الأولاد وتحريم أصناف من الانعام والحرث وذكر أن ذلك منهم خسران وضلال من غير اهتداء.
وقد وصف قتل الأولاد بأنه سفه بغير علم، وكذلك بدل الانعام والحرث من قوله ما رزقهم الله ووصف تحريمها بأنه افتراء على الله ليكون في ذلك تنبيه كالتعليل على خسرانهم في ذلك كأنه قيل: خسروا في قتلهم أولادهم لانهم سفهوا به سفها بغير علم، وخسروا في تحريمهم أصنافا من الانعام والحرث افتراء على الله لأنها من رزق الله وحاشاه تعالى أن يرزقهم شيئا ثم يحرمه عليهم.
ثم بين تعالى ضلالهم في تحريم الحرث والانعام مع كونها من رزق الله بيانا تفصيليا بالاحتجاج من ناحية العقل ومصلحة معاش العباد بقوله: (وهو الذي أنشأ جنات) إلى تمام أربع آيات، ثم من ناحية السمع ونزول الوحي بقوله: (قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه) إلى تمام الآية.