التزيين عام شامل لجميع الأعمال الباطنية كالايمان والكفر والظاهرية كأعمال الجوارح الحسنة والسيئة فإن ظاهر الآية أن الانسان إنما يقصد هذه الأعمال ويوقعها لأجل ما يرغب فيه من زينته غافلا عن الحقائق المستورة تحت هذه الزينات المضروب عليها بحجاب الغفلة ثم إذا رجعوا إلى ربهم نبأهم بحقيقة ما كانوا يعملونه، وعاينوا ما هم مصروفون عنه، أما أولياء الرحمن فوجدوا ما لم يكن يعلم مما أخفى لهم من قرة أعين، وأما أولياء الشيطان فبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون فظهور حقائق الأعمال يوم القيامة لا يختص بأحد القبيلين من الحسنات والسيئات.
قوله تعالى: (وأقسموا بالله جهد إيمانهم - إلى قوله - عند الله) الجهد بفتح الجيم الطاقة والايمان جمع يمين وهى القسم، وجهد الايمان أي ما تبلغه قدرتها وهو الطاقة، والمراد أنهم بالغوا في القسم وأكدوه ما استطاعوا، والمراد بكون الآيات عند الله كونها في ملكه وتحت سلطته لا ينالها أحد إلا بإذنه.
فالمعنى: وأقسموا بالله وبالغوا فيه لئن جاءتهم آياته تدل على صدق النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما يدعو إليه ليؤمنن بتلك الآية - وهذا اقتراح منهم للآية كناية - قل إنما الآيات عند الله وهو الذي يملكها ويحيط بها وليس إلى من أمرها شئ حتى أجيبكم إليها من تلقاء نفسي.
قوله تعالى: (وما يشعركم إنها إذا جاءت لا يؤمنون) قرئ: لا يؤمنون بياء الغيبة وتاء الخطاب جميعا، والخطاب على القراءة الأولى للمؤمنين بنوع من الالتفات، وعلى القراءة الثانية للمشركين والكلام من تتمة قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو ظاهر.
والظاهر أن (ما) في قوله: (وما يشعركم) للاستفهام، والمعنى: وما هو الذي يفيد لكم العلم بواقع الامر وهو أنهم لا يؤمنون إذا جاءتهم الآيات؟ فالكلام في معنى قولنا: هؤلاء يحلفون بالله لئن جاءتكم الآيات ليؤمنن بها فربما آمنتم وصدقتم بحلفهم وليس لكم علم بأنهم إذا جاءتهم الآيات لا يؤمنون بها لان الله لم يشأ إيمانهم فالكلام من الملاحم.
وربما قيل: إن (أن) في قوله: (إنها إذا جاءت) الخ، بمعنى لعل وهذا معنى شاذ لا يحمل على مثله كلام الله لو ثبت لغة.
قوله تعالى: (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة) الخ، ظاهر السياق أن الجملة عطف على قوله: (لا يؤمنون) وهى بمنزلة التفسير لعدم إيمانهم، والمراد