الأصنام ونهيناهم أن يأتوا من الافعال ما ينفر الكفار عن قبول الحق. وفيه أنه مخالف لظهور الآية في العموم، ولا دليل على تخصيصها بما ذكروه كما ظهر مما تقدم.
ومنها: أن المعنى: وكذلك زينا لكل أمة عملهم بميل الطباع إليه ولكن قد عرفناهم الحق مع ذلك ليأتوا الحق ويجتنبوا الباطل.
وفيه أنه كما لا يصح أسناد الدعوة إلى الطاعة والمعصية والايمان والكفر إليه تعالى بلا واسطة كذلك لا تصح نسبة ميل الطباع إلى الأعمال الحسنة والسيئة على وتيرة واحدة إليه تعالى فالفرق بين الدعوة التكوينية وما يشابهها وبين الدعوة التشريعية إلى القبائح والمساوي، ونسبة الأول إليه تعالى دون الثاني ليس في محله.
ومنها: أن المراد هو التزيين بذكر الثواب فهو كقوله: (ولكن الله حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان) (الحجرات: 7) أي حبب إليكم الايمان بذكر ثوابه ومدح فاعليه على فعله، وكره الكفر بذكر عقابه وذم فاعليه. وفيه: أن فيه تقييدا للأعمال بالحسنة من غير مقيد. على أنه معنى بعيد من السياق ومن ظاهر لفظ التزيين. على أن التزيين بهذا المعنى لا يختص بالمؤمنين.
ومنها: أن المراد التزيين لمطلق الأعمال حسناتها وسيئاتها ابتداء من غير واسطة والدعوة منه تعالى إلى الطاعة والمعصية جميعا بناء على أن الانسان مجبر في الافعال المنسوبة إليه.
وفيه: أن ظاهر الآية أوفق بالاختيار منه بالاجبار فإن الشئ إنما تضم إليه الزينة ليرغب فيه الانسان ويحبب إليه فتكون مرجحة لتعلقه به وترك غيره، ولو لم تكن نسبة فعله وتركه إليه على السواء لم يكن وجه لترجيحه فتزين الفعل بما يرغب فيه الفاعل نوع من الحيلة يتوسل بها إلى وقوعه، وهو ينطبق في الطاعات وحسنات الأعمال على ما يسمى في لسان الشرع هداية وتوفيقا، وفي المعاصي وسيئات الأعمال على ما يعد إضلالا ومكرا إلهيا، ولا مانع من نسبة الاضلال والمكر إليه تعالى إذا كانا بعنوان المجازاة دون الاضلال والمكر الابتدائيين، وقد تقدم البحث عن هذه المعاني في مواضع من هذا الكتاب وتقدم البحث عن الجبر وما يقابله من التفويض والامر بين الامرين في الجزء الأول من الكتاب.
وقوله تعالى: (ثم إليه مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون) يؤيد ما تقدم أن حكم