تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٣١٨
الأصنام ونهيناهم أن يأتوا من الافعال ما ينفر الكفار عن قبول الحق. وفيه أنه مخالف لظهور الآية في العموم، ولا دليل على تخصيصها بما ذكروه كما ظهر مما تقدم.
ومنها: أن المعنى: وكذلك زينا لكل أمة عملهم بميل الطباع إليه ولكن قد عرفناهم الحق مع ذلك ليأتوا الحق ويجتنبوا الباطل.
وفيه أنه كما لا يصح أسناد الدعوة إلى الطاعة والمعصية والايمان والكفر إليه تعالى بلا واسطة كذلك لا تصح نسبة ميل الطباع إلى الأعمال الحسنة والسيئة على وتيرة واحدة إليه تعالى فالفرق بين الدعوة التكوينية وما يشابهها وبين الدعوة التشريعية إلى القبائح والمساوي، ونسبة الأول إليه تعالى دون الثاني ليس في محله.
ومنها: أن المراد هو التزيين بذكر الثواب فهو كقوله: (ولكن الله حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان) (الحجرات: 7) أي حبب إليكم الايمان بذكر ثوابه ومدح فاعليه على فعله، وكره الكفر بذكر عقابه وذم فاعليه. وفيه: أن فيه تقييدا للأعمال بالحسنة من غير مقيد. على أنه معنى بعيد من السياق ومن ظاهر لفظ التزيين. على أن التزيين بهذا المعنى لا يختص بالمؤمنين.
ومنها: أن المراد التزيين لمطلق الأعمال حسناتها وسيئاتها ابتداء من غير واسطة والدعوة منه تعالى إلى الطاعة والمعصية جميعا بناء على أن الانسان مجبر في الافعال المنسوبة إليه.
وفيه: أن ظاهر الآية أوفق بالاختيار منه بالاجبار فإن الشئ إنما تضم إليه الزينة ليرغب فيه الانسان ويحبب إليه فتكون مرجحة لتعلقه به وترك غيره، ولو لم تكن نسبة فعله وتركه إليه على السواء لم يكن وجه لترجيحه فتزين الفعل بما يرغب فيه الفاعل نوع من الحيلة يتوسل بها إلى وقوعه، وهو ينطبق في الطاعات وحسنات الأعمال على ما يسمى في لسان الشرع هداية وتوفيقا، وفي المعاصي وسيئات الأعمال على ما يعد إضلالا ومكرا إلهيا، ولا مانع من نسبة الاضلال والمكر إليه تعالى إذا كانا بعنوان المجازاة دون الاضلال والمكر الابتدائيين، وقد تقدم البحث عن هذه المعاني في مواضع من هذا الكتاب وتقدم البحث عن الجبر وما يقابله من التفويض والامر بين الامرين في الجزء الأول من الكتاب.
وقوله تعالى: (ثم إليه مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون) يؤيد ما تقدم أن حكم
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346