تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٣١٤
عن أمرهم لا تكوينا ولا غيره فلتطب نفسك.
ويظهر من ذلك أيضا أن قوله: (وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل) أيضا مسوق سوق التسلية وتطييب النفس، وكأن المراد بالحفيظ القائم على إدارة شؤون وجودهم كالحياة والنشوء والرزق ونحوها، وبالوكيل القائم على إدارة الأعمال ليجلب بذلك المنافع ويدفع المضار المتوجهة إلى الموكل عنه من ناحيتها فمحصل المراد بقوله:
(وما جعلناك) الخ، أن ليس إليك أمر حياتهم الكونية ولا أمر حياتهم الدينية حتى يحزنك ردهم لدعوتك وعدم إجابتهم إلى طلبتك.
وربما يقال: إن المراد بالحفيظ من يدفع الضرر ممن يحفظه وبالوكيل من يجلب المنافع إلى من يتوكل عنه، ولا يخلو عن بعد فإن الحفيظ فيما يتبادر من معناه يختص بالتكوين والوكيل يعم التكوين وغيره، ولا كثير جدوى في حمل إحدى الجملتين على جهة تكوينية، والاخرى على ما يعمها وغيرها بل الوجه حمل الأولى على إحدى الجهتين، والاخرى على الأخرى.
قوله تعالى: (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم) السب معروف، قال الراغب في المفردات: العدو التجاوز ومنافاة الالتيام فتارة يعتبر بالقلب فيقال له: العداوة والمعاداة، وتارة بالمشي فيقال له العدو، وتارة في الاخلال بالعدالة في المعاملة فيقال له العدوان والعدو قال: فيسبوا الله عدوا بغير علم وتارة بأجزاء المقر فيقال له العدواء يقال: مكان ذو عدواء أي غير متلائم الاجزاء. انتهى.
والآية تذكر أدبا دينيا تصان به كرامة مقدسات المجتمع الديني وتتوقى ساحتها أن يتلوث بدرن الاهانة والازراء بشنيع القول والسب والشتم والسخرية ونحوها فإن الانسان مغروز على الدفاع عن كرامة ما يقدسه، والمقابلة في التعدي على من يحسبه متعديا إلى نفسه، وربما حمله الغضب على الهجر والسب لما له عنده أعلى منزلة العزة والكرامة فلو سب المؤمنون آلهة المشركين حملتهم عصبية الجاهلية أن يعارضوا المؤمنين بسب ما له عندهم كرامة الألوهية وهو الله عز اسمه ففي سب آلهتهم نوع تسبيب إلى ذكره تعالى بما لا يليق بساحة قدسه وكبريائه.
وعموم التعليل المفهوم من قوله: (كذلك زينا لكل أمة عملهم) يفيد عموم النهى
(٣١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346