لكل قول سيئ يؤدى إلى ذكر شئ من المقدسات الدينية بالسوء بأي وجه أدى.
قوله تعالى: (كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون) الزينة أمر جميل محبوب يضم إلى شئ ضما يجلب الرغبة إليه ويحببه عند طالبه فيتحرك نحو الزينة وينتهى إلى الشئ المتزين بها كاللباس المزين بهيئته الحسنة الذي يلبسه الانسان لزينته فيصان به بدنه عن الحر والبرد.
وقد أراد الله سبحانه أن يعيش الانسان هذه العيشة الدنيوية ذات الشعب والفروع ويديم حياته الأرضية الخاصة به من طريق أعمال قواه الفعالة فيدرك ما ينفعه وما يضره بحواسه الظاهرة ثم يتصرف ثم يتصرف فيها بحواسه وقواه الباطنة ثم يتغذى بأكل أشياء وشرب أشياء ويهيج إلى النكاح بأعمال خاصة ويلبس ويأوى ويجلب ويدفع وهكذا.
وله في جميع هذه الأعمال وما يتعلق بها لذائذ يقارنها وغايات حيوية ينتهى إليها وآخر ما ينتهى إليه الحياة السعيدة الحقيقية التي خلق لها أو الحياة التي يظنها الحياة السعيدة الحقيقية. وهو إنما يقصد بما يعمله من عمل ما يتصل به من اللذة المادية كلذة الطعام والشراب والنكاح وغير ذلك أو اللذة الفكرية كلذة الدواء ولذة التقدم والانس والمدح والفخر والذكر الخالد والانتقام والثروة والامن وغير ذلك مما لا يحصى.
وهذه اللذائذ أمور زينت بها هذه الأعمال ومتعلقاتها، وقد سخر الله سبحانه بها الانسان فهو يوقع الافعال ويتوخى الأعمال لاجلها، وبتحققها يتحقق الغايات الإلهية والاغراض التكوينية كبقاء الشخص، ودوام النسل، ولولا ما في الأكل والشرب والنكاح من اللذة المطلوبة لم يكن الانسان ليتعب نفسه بهذه الحركات الشاقة المتعبة لجسمه والثقيلة على روحه فاختل بذلك نظام الحياة، وفنى الشخص وانقطع النسل فانقرض النوع، وبطلت حكمة التكوين بلا ريب في ذلك.
وما كان من هذه الزينة طبيعية مغروزة في طبائع الأشياء كالطعوم اللذيذة التي في أنواع الأغذية ولذة النكاح فهى مستندة إلى الخلقة منسوبة إلى الله سبحانه واقعة في طريق سوق الأشياء إلى غاياتها التكوينية، ولا سائق لها إليها إلا الله سبحانه فهو الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى.
وما كان منها لذة فكرية تصلح حياة الانسان في دنياه ولا تضره في آخرته فهى