تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ١٨٦
الذي يعبده الانسان يجب أن يحبه فيجب أن لا يكون من شأنه أن يأفل عنه ويفقد فهذه الاجرام الآفلة لا تستحق اسم الربوبية، وهذه - كما ترى - حجة يعرفها العامة والخاصة.
وقد خلط ثالثا بين البزوغ والظهور فحكم أنه غير مناف للربوبية بل القول مبنى عليه فأن من صفات الرب أن يكون ظاهرا إلى آخر ما قال فإن الذي ذكر في الآية - ولم يبن الحجة عليه - هو البزوغ وهو الطلوع والظهور بعد خفاء المنافى للربوبية فيبقى السؤال: لم بنى الكلام على الأفول دون البزوغ؟ على حاله.
وثانيا أن أخذ الأفول في الحجة دون البزوغ إنما هو لان البزوغ لا يستوجب عدم الحب الذي بنى الحجة عليه بخلاف الأفول، وبذلك يظهر ما في قول الكشاف في وجه العدول، قال: (فإن قلت: لم احتج عليهم بالأفول دون البزوغ وكلاهما انتقال من حال إلى حال؟ قلت: الاحتجاج بالأفول أظهر لأنه انتقال مع خفاء واحتجاب) انتهى. فإن الاحتجاج كما عرفت إنما هو بعدم تعلق الحب لا بالأفول حتى يوجه العدول إليه من البزوغ بما ذكره.
وثالثا: أن الاحتجاج إنما أريد به نفى ربوبية الاجرام الثلاثة بمعنى تدبيرها للعالم الأرضي أو العالم الانساني لا الربوبية بمعنى المقام الذي ينتهى إليه الايجاد والتدبير فإن الوثنية وعبدة الكواكب لا ينكرون أن آلهتهم ليست أربابا بهذا المعنى، وأنه الله الواحد لا شريك له.
ومن هنا يظهر ما في قول بعضهم: إن الأفول إنما أخذ مبدأ للبرهان لأنه يستلزم الامكان، وكل ممكن محتاج يجب أن يقف سلسلة حاجته عند موجود واجب الوجود، وكذا ما في قول آخرين: إن الأفول إنما ينفى الربوبية عن المتصف به لأنه حركة، ولا بد لكل حركة من محرك، وينتهى لا محالة إلى محرك غير متحرك وثابت غير متغير بذاته وهو الله عز اسمه.
وذلك أنهما وإن كانا حجتين برهانيتين غير أنهما تنفيان عن الممكنات وعن المتحركات الربوبية بمعنى العلية الأولى التي ينتهى إليها جميع العلل، وسببية الايجاد والتدبير التي يقف عندها جميع الأسباب، وعبدة الكواكب من الصابئين وغيرهم وإن
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346