التأثير عاجز عن التدبير، وذلك يدل على القدح في إلهيته فظهر على قول المنجمين ان للأفول مزيد خاصية في كونه موجبا للقدح في إلهيته) انتهى موضع الحاجة من كلامه على طوله.
وأنت بالتأمل في ما تقدم تقف على أن ما تفنن به من تقسيم البرهان إلى حصص مختلفة باختلاف النفوس، وتقريره بوجوه شتى لا لفظ الآية يدل عليه، ولا شبة الصابئين وأصحاب النجوم تندفع به فإنهم لا يرون الجرم السماوي إلها واجب الوجود غير متناهي القدرة ذا قوة مطلقة، وأنما يرونه ممكنا معلولا ذا حركة دائمة يدبر بحركته ما دونه من العالم الأرضي، وشئ مما ذكره من الوجوه لا يدفع هذه النظرية، وكأنه تنبه لهذا الاشكال بعد كلامه المنقول آنفا فبسط في الكلام وأطنب في الخروج من العويصة بما لا يجدى شيئا.
على أن الحجة الثانية على ما قرره حجه غير تامة فإن الحركة إنما تدل على حدوث المتحرك من حيث وصفه وهو التحرك لا من حيث ذاته، وتمام الكلام في ذلك موكول إلى محله، والمصير إلى ما قدمناه في تقرير الحجة من جهة الحركة.
ورابعا أن إبراهيم عليه السلام إنما ساق هذه الحجج بحسب ما كان الله سبحانه يريه ملكوت السماوات والأرض، وبحسب ما يسمح له جريان محاجته أباه وقومه آخذا بالمحسوس المعاين إما لأنه لم يكن رأى تفصيل الحوادث السماوية والأرضية اليومية كما تقدمت الإشارة إليه أو لأنه أراد أن يحاجهم بما تحت حسهم فأورد قوله (هذا ربى) لما شاهد شيئا من الاجرام الثلاثة لامعا بازغا، وأورد قوله (لا أحب الآفلين) أو ما في معناه لما شاهد أفولها.
وبذلك يظهر الجواب عما يمكن أن يقال: إن قوله: (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا) يدل على أنه عليه السلام كان في النهار المتصل بذلك الليل شاهد قومه فما باله لم يذكر الشمس لينفى ربوبيتها.
فإن من المحتمل أن يكون قد خرج إلى قومه للمحاجة والوقت لا يسع أزيد مما حاج به أباه وقومه في أمر الأصنام فكان يحاجهم طول النهار أو مدة ما أدركه من النهار عند قومه حتى إذا تمم الحجاج لم يلبث دون أن جن عليه الليل، وهناك محتملات أخر