تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ١٧٤
طلوعها، وأحيانا تتبعها فتظهر بعد غروب الشمس في أفق المغرب ثم لا تلبث إلا قليلا في أول الليل دون ان تغيب، وإذا كانت على هذا الوضع والليلة من ليالي النصف الأخير من الشهر القمري كليلة ثماني عشرة وتسع عشرة والعشرين فإنها تجامع بغروبها طلوع القمر فترى أن الشمس تغرب فتظهر الزهرة في الأفق الغربي ثم تغرب بعد ساعة أو ساعتين مضتا من غروب الشمس ثم يطلع القمر عند ذلك أو بعد ذلك بيسير.
وهذه الخصوصية من بينها إنما هي للزهرة بحسب نظام سيرها وفي غيرها كالمشتري والمريخ وزحل أمر اتفاقي ربما يقع في أوضاع خاصه لا يسبق إلى الذهن فيشبه من هنا ان الكوكب كان هو الزهرة.
على أن الزهرة أجمل الكواكب الدرية وأبهجها وأضواها أول ما يجلب نظر الناظر إلى السماء بعد جن الليل وعكوف الظلام على الآفاق يجلب إليها.
وهذا أحسن ما يمكن ان تنطبق عليه الآية بحسب ما يتسابق إلى الذهن من قوله:
فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربى فلما أفل - إلى أن قال - فلما رأى القمر بازغا (الخ) حيث وصل ظاهرا بين أفول الكوكب وبزوغ القمر.
ويتأيد هذا الذي ذكرناه بما ورد في بعض الروايات عن أئمة أهل البيت عليه السلام ان الكوكب كان هو الزهرة.
وعلى هذا فقد كان عليه السلام رأى الزهرة والقوم يتنسكون بواجب عبادتها من خضوع وصلاة وقربان، كانت الزهرة وقتئذ تتلو الشمس في غروبها، والليلة من ليالي النصف الأخير من الشهر القمري جن عليه الليل فرأى الزهرة في الأفق الغربي حتى أفلت فرأى القمر بازغا بعده.
وقوله تعالى: (قال هذا ربى) المراد بالرب هو مالك الأشياء المربوبين، المدبر لأمرهم لا الذي فطر السماوات والأرض وأوجد كل شئ بعد ما لم يكن موجودا فإنه الله سبحانه الذي ليس بجسم ولا جسماني ولا يحويه مكان ولا يقع عليه إشارة، والذي يظهر مما حكى من كلام إبراهيم مع قومه في أمر الأصنام ظهورا لا شك فيه أنه كان على بينة من ربه وله من العلم بالله وآياته ما لا يخفى عليه معه أن الله سبحانه أنزه ساحة من التجسم والتمثل والمحدودية، قال تعالى حكاية عنه في محاورة له مع أبيه: (يا أبت إني قد جاءني من
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346