صالحين بقوله: (فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين، وقال إني ذاهب إلى ربى سيهدين، رب هب لي من الصالحين) (الصافات: 100).
ثم يذكر تعالى ذهابه إلى الأرض المقدسة ورزقه صالح الأولاد بقوله: (وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين، ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين، ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافله وكلا جعلنا (صالحين) (الأنبياء: 72) وقوله: (فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا) (مريم: 49).
ثم يذكر تعالى آخر دعائه بمكة وقد وقع في آخر عهده عليه السلام بعد ما هاجر إلى الأرض المقدسة وولد له الأولاد وأسكن إسماعيل مكة وعمرت البلدة وبنيت الكعبة، وهو آخر ما حكى من كلامه في القرآن الكريم: (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبنى أن نعبد الأصنام - إلى أن قال - ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة - إلى أن قال - الحمد الله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربى لسميع الدعاء - إلى أن قال - ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب (إبراهيم: 41).
والآية بما لها من السياق وبما احتف بها من القرائن أحسن شاهد على أن والده الذي دعا له فيها غير الذي يذكره سبحانه بقوله: (لأبيه آزر) فإن الآيات كما ترى تنص على أن إبراهيم عليه السلام استغفر له وفاء بوعده ثم تبرأ منه لما تبين له أنه عدو لله، ولا معنى، لإعادته عليه السلام الدعاء لمن تبرأ منه ولاذ إلى ربه من أن يمسه فأبوه آزر غير والده الصلبي الذي دعا له ولامه معا في آخر دعائه.
ومن لطيف الدلالة في هذا الدعاء أعني دعاءه الأخير ما في قوله: (ولوالدي) حيث عبر بالوالد والوالد لا يطلق إلا على الأب الصلبي وهو الذي يلد ويولد الانسان مع ما في دعائه الاخر: (واغفر لأبي إنه كان من الضالين) والآيات الاخر المشتملة على ذكر أبيه آزر فإنها تعبر عنه بالأب والأب ربما تطلق على الجد والعم وغيرهما، وقد اشتمل القرآن الكريم على هذا الاطلاق بعينه في قوله تعالى: (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدى قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون) (البقرة: 133) فإبراهيم جد