تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ١٧٢
والآية - كما ترى - تحاذى أول سورة الملك المنقول آنفا.
فقد بان أن المراد بإراءة إبراهيم ملكوت السماوات والأرض على ما يعطيه التدبر في سائر الآيات المربوطة بها هو توجيهه تعالى نفسه الشريفة إلى مشاهدة الأشياء من جهة استناد وجودها إليه، وإذ كان استنادا لا يقبل الشركة لم يلبث دون أن حكم عليها أن ليس لشئ منها أن يرب غيره ويتولى تدبير النظام وأداء الأمور فالأصنام تماثيل عملها الانسان وسماها أسماء لم ينزل الله عليها من سلطان، وما هذا شأنه لا يرب الانسان ولا يملكه وقد عملته يد الانسان، والاجرام العلوية كالكوكب والقمر والشمس تتحول عليها الحال فتغيب عن الانسان بعد حضورها، وما هذا شأنه لا يكون له الملك وتولى التدبير تكوينا كما سيجئ بيانه.
قوله تعالى: (وليكون من الموقنين) اللام للتعليل، والجملة معطوفة على أخرى محذوفة والتقدير: ليكون كذا وكذا وليكون من الموقنين.
واليقين هو العلم الذي لا يشوبه شك بوجه من الوجوه، ولعل المراد به ان يكون على يقين بآيات الله على حد ما في قوله: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) (السجدة: 24) وينتج ذلك اليقين بأسماء الله الحسنى وصفاته العليا.
وفي معنى ذلك ما أنزله في خصوص النبي صلى الله عليه وآله قال: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا) (الاسراء:
1) وقال: (ما زاغ البصر وما طغى، لقد رأى من آيات ربه الكبرى) (النجم: 18) وأما اليقين بذاته المتعالية فالقرآن يجله تعالى ان يتعلق به شك أو يحيط به علم وإنما يسلمه تسليما.
وقد ذكر في كلامه تعالى من خواص العلم اليقيني بآياته تعالى إنكشاف ما وراء ستر الحس من حقائق الكون على ما يشاء الله تعالى كما في قوله: (كلا لو تعلمون علم اليقين، لترون الجحيم) (التكاثر: 6) وقوله: (كلا إن كتاب الأبرار لفى عليين، وما أدراك ما عليون، كتاب مرقوم، يشهده المقربون) (المطففين: 21).
قوله تعالى: (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربى) إلى آخر الآية قال الراغب في المفردات: أصل الجن (بفتح الجيم) ستر الشئ عن الحاسة يقال: جنه الليل
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346