الشيخوخة، ويكون على هذا موسى عليه السلام ملكا وبعده يوشع النبي وقد كان يوسف ملكا من قبل، وينتهى إلى الملوك المعروفين طالوت وداود وسليمان وغيرهم. هذا، ويرد على هذا الوجه أيضا ما يرد على سابقه.
ثم قال: " وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين " وهى العنايات والالطاف الإلهية التي اقترنت بآيات باهرة قيمة بتعديل حياتهم لو استقاموا على ما قالوا، وداموا على ما واثقوا، وهى الآيات البينات التي أحاطت بهم من كل جانب أيام كانوا بمصر، وبعد إذ نجاهم الله من فرعون وقومه، فلم يتوافر ويتواتر من الآيات المعجزات والبراهين الساطعات والنعم التي يتنعم بها في الحياة على أمة من الأمم الماضية المتقدمة على عهد موسى ما توافرت وتواترت على بني إسرائيل.
وعلى هذا فلا وجه لقول بعضهم: ان المراد بالعالمين عالموا زمانهم وذلك أن الآية تنفى أن يكون أمة من الأمم إلى ذلك الوقت أوتيت من النعم ما اوتى بنو إسرائيل، وهو كذلك.
قوله تعالى: " يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين " أمرهم بدخول الأرض المقدسة، وكان يستنبط من حالهم التمرد والتأبي عن القبول، ولذلك أكد إمره بالنهي عن الارتداد وذكر استتباعه الخسران. والدليل على أنه كان يستنبط منهم الرد توصيفه إياهم بالفاسقين بعد ردهم، فإن الرد وهو فسق واحد لا يصحح اطلاق " الفاسقين " عليهم الدال على نوع من الاستمرار والتكرر.
وقد وصف الأرض بالمقدس، وقد فسروه بالمطهرة من الشرك لسكون الأنبياء والمؤمنين فيها، ولم يرد في القرآن الكريم ما يفسر هذه الكلمة. والذي يمكن أن يستفاد منه ما يقرب من هذا المعنى قوله تعالى: " إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله " (أسرى: 1) وقوله: " وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها " (الأعراف: 137) وليست المباركة في الأرض الا جعل الخير الكثير فيها، ومن الخير الكثير إقامة الدين واذهاب قذارة الشرك.
وقوله: " كتب الله لكم " ظاهر الآيات أن المراد به قضاء توطنهم فيها، ولا ينافيه