تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٥ - الصفحة ٢٨٠
طبيعة خامسة، واستحالة الخرق والالتيام فيها، وقدم الأفلاك والفلكيات بالشخص وقدم العناصر بالنوع، وقدم الأنواع ونحو ذلك فإنها مسائل مبنية على أصول موضوعة لم يبرهن عليها في الفلسفة لكن الجهلة من المنفلسفين كانوا يظهرونها في زي المسائل المبرهن عليها، وكانت الدهرية وأمثالهم وهم يومئذ منتحلون إليها يضيفون إلى ذلك أمورا أخرى من أباطيلهم كالقول بالتناسخ ونفى المعاد ولا سيما المعاد الجسماني، ويطعنون بذلك كله في ظواهر الدين وربما قال القائل منهم: إن الدين مجموع وظائف تقليدية أتى بها الأنبياء لتربية العقول الساذجة البسيطة وتكميلها، وأما الفيلسوف المتعاطي للعلوم الحقيقية فهو في غنى عنهم وعما أتوا به، وكانوا ذوي أقدام في طرق الاستدلال.
فدعا ذلك الفقهاء والمتكلمين وحملهم على تجبيههم بالانكار والتدمير عليهم بأي وسيلة تيسرت لهم من محاجة ودعوة عليهم وبراءة منهم وتكفير لهم حتى كسروا سورتهم وفرقوا جمعهم وأفنوا كتبهم في زمن المتوكل، وكادت الفلسفة تنقرض بعده حتى جدده ثانيا المعلم الثاني أبو نصر الفارابي المتوفى سنة 339 ثم بعده الشيخ الرئيس أبو على الحسين بن عبد الله بن سينا المتوفى سنة 428 ثم غيرهما من معاريف الفلسفة كأبى على بن مسكويه وابن رشد الأندلسي وغيرهما، ثم لم تزل الفلسفة تعيش على قلة من متعاطيها وتجول بين ضعف وقوة.
وهى وإن انتقلت ابتداء إلى العرب لكن لم يشتهر بها منهم إلا الشاذ النادر كالكندي وابن رشد، وقد استقرت أخيرا في إيران، والمتكلمون من المسلمين وإن خالفوا الفلسفة وأنكروا على أهلها أشد الانكار لكن جمهورهم تلقوا المنطق بالقبول فألفوا فيها الرسائل والكتب لما وجدوه موافقا لطريق الاستدلال الفطري.
غير أنهم - كما سمعت - أخطأوا في استعماله فجعلوا حكم الحدود الحقيقية وأجزائها مطردا في المفاهيم الاعتبارية، واستعملوا البرهان في القضايا الاعتبارية التي لا مجرى فيها إلا للقياس الجدلي فتراهم يتكلمون في الموضوعات الكلامية كالحسن والقبح والثواب والعقاب والحبط والفضل في أجناسها وفصولها وحدودها، وأين هي من الحد؟ ويستدلون في المسائل الأصولية والمسائل الكلامية من فروع الدين بالضرورة والامتناع. وذلك من استخدام الحقائق في الأمور الاعتبارية ويبرهنون في أمور ترجع إلى الواجب تعالى بأنه يجب عليه كذا ويقبح منه كذا فيحكمون الاعتبارات على الحقائق، ويعدونه برهانا، وليس بحسب
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة النساء 5
2 (77 - 80) كلام في استناد الحسنات والسيئات إليه تعالى. (بحث قرآني) 9
3 (85 - 91) في معنى التحية. (بحث قرآني) 31
4 (95 - 100) في المستضعف. (بحث قرآني) 51
5 (105 - 126) في معنى العصمة. (بحث قرآني) 78
6 سورة المائدة 156
7 (1 - 3) في معنى العقد. (بحث قرآني) 158
8 بحث علمي في فصول ثلاثة: (1 - 3) 1 - العقائد في اكل اللحم. (بحث علمي) 183
9 (1 - 3) 2 - كيف امر بقتل الحيوان والرحمة تأباه؟ (بحث علمي) 184
10 (1 - 3) 3 - لماذا بني الاسلام على التذكية؟ (بحث علمي) 187
11 (15 - 19) كلام في طريق التفكر الذي يهدي إليه القرآن (بحث مختلط قرآني وروائي) 254
12 (15 - 19) في تاريخ التفكر الاسلامي اجمالا. (بحث تاريخي) 271
13 (27 - 32) كلام في معنى الاحساس والتفكير. (بحث قرآني) 308
14 (27 - 32) في تطبيق قصة ابني آدم على ما في التوراة. (بحث علمي) 323
15 (41 - 50) كلام في معنى الشريعة والفرق بينها وبين الدين والملة في عرف القرآن. (بحث قرآني) 350
16 (51 - 54) كلام في معنى مرض القلب. (بحث قرآني) 377
17 (51 - 54) كلام في كليات حوادث آخر الزمان. (بحث قرآني وروائي) 390