" يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل " أي سكون خال عن مجئ رسول الله.
والآية خطاب ثان لأهل الكتاب متمم للخطاب السابق فإن الآية الأولى بينت لهم أن الله ارسل إليهم رسولا أيده بكتاب مبين يهدى بإذن الله إلى كل خير وسعادة، وهذه الآية تبين ان ذلك البيان الإلهي إنما هو لاتمام الحجة عليهم ان يقولوا: ما جاءنا من بشير ولا نذير.
وبهذا البيان يتأيد ان يكون متعلق الفعل (يبين لكم) في هذه الآية هو الذي في الآية السابقة، والتقدير: يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب أي ان هذا الدين الذي تدعون إليه هو بعينه دينكم الذي كنتم تدينون به مصدقا لما معكم والذي يرى فيه من موارد الاختلاف فإنما هو بيان لما أخفيتموه من معارف الدين التي بينته الكتب الإلهية، ولازم هذا الوجه ان يكون قوله: " يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم من قبيل إعادة عين الخطاب السابق لضم بعض الكلام المفصول عن الخطاب السابق المتعلق به وهو قوله: " ان تقولوا ما جاءنا " (الخ) إليه وانما جوز ذلك وقوع الفصل الطويل بين المتعلق والمتعلق به وهو شائع في اللسان، قال:
قربا مربط النعامة منى * لقحت حرب وائل عن حيال قربا مربط النعامة منى * ان بيع الكريم بالشسع غال ويمكن ان يكون خطابا مستأنفا والفعل (يبين لكم) انما حذف متعلقه.
للدلالة على العموم أي يبين لكم جميع ما يحتاج إلى البيان، أو لتفخيم أمره أي يبين لكم أمرا عظيما تحتاجون إلى بيانه، وقوله: " على فترة من الرسل " لا يخلو عن إشعار أو دلالة على هذه الحاجة فإن المعنى: يبين لكم ما مست حاجتكم إلى بيانه والزمان خال من الرسل حتى يبينوا لكم ذلك.
وقوله: " أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير " متعلق بقوله: " قد جاءكم " بتقدير: حذر أن تقولوا، أو لئلا تقولوا.
وقوله: " والله على كل شئ قدير " كأنه لدفع الدخل فإن اليهود كانت لا ترى