واقرام (1) وعيسى (2) وأطلق (3) أيضا على صلحاء المؤمنين.
وكيف كان فإنما أريد بالأبناء أنهم من الله سبحانه بمنزلة الأبناء من الأب، فهم بمنزلة أبناء الملك بالنسبة إليه المنحازين عن الرعية المخصوصين بخصيصة القرب المقتضية أن لا يعامل معهم معاملة الرعية كأنهم مستثنون عن إجراء القوانين والاحكام المجراة بين الناس لان تعلقهم بعرش الملك لا يلائم مجازاتهم بما يجازى به غيرهم ولا إيقافهم موقفا توقف فيه سائر الرعية، فلا يستهان بهم كما يستهان بغيرهم فكل ذلك لما تتعقبه علقة النسب من علقة الحب والكرامة.
فالمراد بهذه النبوة الاختصاص والتقرب، ويكون عطف قوله: " وأحباؤه " على قوله: " أبناء الله " كعطف التفسير وليس به حقيقة، وغرضهم من دعوى هذا الاختصاص والمحبوبية إثبات لازمه وهو أنه لا سبيل إلى تعذيبهم وعقوبتهم فلن يصيروا إلا إلى النعمة والكرامة لان تعذيبه تعالى إياهم يناقض ما خصهم به من المزية، وحباهم به من الكرامة.
والدليل عليه ما ورد في الرد عليهم من قوله تعالى: " يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء "، إذ لولا أنهم كانوا يريدون بقولهم: " نحن أبناء الله وأحباؤه " أنه لا سبيل إلى عذابهم وإن لم يستجيبوا الدعوة الحقة لم يكن وجه لذكر هذه الجملة: " يغفر "، ردا عليهم ولا لقوله: " بل أنتم بشر ممن خلق " موقع حسن مناسب فمعنى قولهم: " نحن أبناء الله وأحباؤه " أنا خاصة الله ومحبوبوه لا سبيل له تعالى إلى تعذيبنا وإن فعلنا ما فعلنا، وتركنا ما تركنا لان انتفاء السبيل ووقوع الامن التام من كل مكروه ومحذور هو لازم معنى الاختصاص والحب.
قوله تعالى: " قل فلم يعذبكم بذنوبكم " أمر نبيه بالاحتجاج عليهم ورد دعواهم بالحجة، وتلك حجتان: إحداهما: النقض عليهم بالتعذيب الواقع عليهم، وثانيتهما:
معارضتهم بحجة تنتج نقيض دعواهم.
ومحصل الحجة الأولى التي يشتمل عليها قوله: " فلم يعذبكم بذنوبكم " أنه لو