الأمم وضعفائهم اليوم وجدت أن التاريخ وحوادثه كرت علينا ولن تزال تكر غير أنها أبدلت الشكل السابق الفردى بالشكل الحاضر الاجتماعي والروح هي الروح والهوى هو الهوى وأما الاسلام فطريقته بريئة من هذه الأهواء ودليله السيرة النبوية في فتوحاته وعهوده.
ومنها أن أقسام الاجتماعات على ما هو مشهود ومضبوط في تاريخ هذا النوع لا تخلو عن وجود تفاضل بين أفرادها مؤد إلى الفساد فأن اختلاف الطبقات بالثروة أو الجاه والمقام المؤدى بالآخرة إلى بروز الفساد في المجتمع من لوازمها لكن المجتمع الاسلامي مجتمع متشابه الاجزاء لا تقدم فيها للبعض على البعض ولا تفاضل ولا تفاخر ولا كرامة وإنما التفاوت الذي تستدعيه القريحة الانسانية ولا تسكت عنه إنما هو في التقوى وأمره إلى الله سبحانه لا إلى الناس قال تعالى يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم: الحجرات - 13 وقال تعالى فاستبقوا الخيرات: البقرة - 148 فالحاكم والمحكوم والأمير والمأمور والرئيس والمرؤوس والحر والعبد والرجل والمرأة والغنى والفقير والصغير والكبير في الاسلام في موقف سواء من حيث جريان القانون الديني في حقهم ومن حيث انتفاء فواصل الطبقات بينهم في الشؤون الاجتماعية على ما تدل عليه السيرة النبوية على سائرها السلام والتحية.
ومنها أن القوة المجرية في الاسلام ليست هي طائفة متميزة في المجتمع بل تعم جميع أفراد المجتمع فعلى كل فرد أن يدعو إلى الخير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وهناك فروق اخر لا يخفى على الباحث المتتبع.
هذا كله في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأما بعده فالجمهور من المسلمين على أن انتخاب الخليفة الحاكم في المجتمع إلى المسلمين والشيعة من المسلمين على أن الخليفة منصوص من جانب الله ورسوله وهم اثنا عشر إماما على التفصيل المودوع في كتب الكلام.
ولكن على أي حال أمر الحكومة الاسلامية بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعد غيبة الامام كما في زماننا الحاضر إلى المسلمين من غير إشكال والذي يمكن أن يستفاد من الكتاب في ذلك أن عليهم تعيين الحاكم في المجتمع على سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهى سنة الإمامة دون الملوكية والامبراطورية والسير فيهم بحفاظة الاحكام من غير تغيير