قوله تعالى: فمن تمتع بالعمرة إلى الحج الآية.
على أن جميع الروايات ناصة في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اتى بحجه تمتعا، وانه أهل بإهلالين للعمرة والحج.
واما الاستدلال عليه: بأن التمتع كان مختصا بأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما في روايتي الدر المنثور عن أبي ذر، فإن كان المراد ما ذكر من استدلال عثمان وابن الزبير فقد عرفت جوابه، وإن كان المراد انه كان حكما خاصا لأصحاب النبي لا يشمل غيرهم، ففيه انه مدفوع بإطلاق قوله تعالى: ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام الآية.
على أن إنكار بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لذلك الحكم وتركهم له كعمر وعثمان وابن الزبير وأبي موسى ومعاوية (وروي ان منهم أبا بكر) ينافي ذلك!
واما الاستدلال عليه بالولاية وانه إنما نهى عنه بحق ولايته الامر وقد فرض الله طاعة أولي الامر إذ قال (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم الآية) النساء - 54، ففيه ان الولاية التي جعلها القرآن لأهلها لا يشمل المورد.
بيان ذلك: ان الآيات قد تكاثرت على وجوب اتباع ما أنزله الله على رسوله كقوله تعالى: (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم) الأعراف - 3، وما بينه رسول الله مما شرعه هو بإذن الله تعالى كما يلوح من قوله تعالى: (ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله) التوبة - 29، وقوله تعالى: (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) الحشر - 7، فالمراد بالايتاء الامر بقرينة مقابلته بقوله: وما نهيكم عنه، فيجب إطاعة الله ورسوله بامتثال الأوامر وانتهاء النواهي، وكذلك الحكم والقضاء كما قال تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون) المائدة - 45، وفي موضع آخر (فأولئك هم الفاسقون) المائدة - 47، وفي موضع آخر (فأولئك هم الكافرون) المائدة - 44، وقال تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا ان يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) الأحزاب - 36، وقال: (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة) القصص - 68 فإن المراد بالاختيار هو القضاء والتشريع أو ما يعم ذلك، وقد نص القرآن على أنه