وقد ذكر بعضهم: ان الجملة تفيد الرخصة ثم نسخت فهو سبحانه وتعالى خير المطيقين للصوم من الناس كلهم يعني القادرين على الصوم من الناس بين أن يصوموا وبين أن يفطروا ويكفروا عن كل يوم بطعام مسكين، لان الناس كانوا يومئذ غير متعودين بالصوم ثم نسخ ذلك بقوله: فمن شهد منكم الشهر، فليصمه وقد ذكر بعض هؤلاء:
أنه نسخ حكم غير العاجزين، واما مثل الشيخ الهرم والحامل والمرضع فبقي على حاله، من جواز الفدية.
ولعمري إنه ليس إلا لعبا بالقرآن وجعله لآياته عضين، وأنت إذا تأملت الآيات الثلاث وجدتها كلاما موضوعا على غرض واحد ذا سياق واحد متسق الجمل رائق البيان، ثم إذا نزلت هذا الكلام على وحدته واتساقه على ما يراه هذا القائل وجدته مختل السياق، متطارد الجمل يدفع بعضها بعضا، وينقض آخره أوله فتارة يقول كتب عليكم الصيام واخرى يقول يجوز على القادرين منكم الافطار والفدية، واخرى يقول: يجب عليكم جميعا الصيام إذا شهدتم الشهر، فينسخ حكم الفدية عن القادرين ويبقى حكم غير القادرين على حالة، ولم يكن في الآية حكم غير القادرين، اللهم إلا أن يقال: إن قوله: يطيقون، كان دالا على القدرة قبل النسخ فصار يدل بعد النسخ على عدم القدرة، وبالجملة يجب على هذا ان يكون قوله: وعلى الذين يطيقونه في وسط الآيات ناسخا لقوله: كتب عليكم الصيام، في أولها لمكان التنافي، ويبقى الكلام في وجهه تقييده بالاطاقة من غير سبب ظاهر، ثم قوله: فمن شهد منكم الشهر فليصمه في آخر الآيات ناسخا لقوله: وعلى الذين يطيقونه في وسطها، ويبقى الكلام في وجه نسخه لحكم القادرين على الصيام فقط دون العاجزين، مع كون الناسخ مطلقا شاملا للقادر والعاجز جميعا، وكون المنسوخ غير شامل لحكم العاجز الذي يراد بقاءه وهذا من أفحش الفساد.
وإذا أضفت إلى هذا النسخ بعد النسخ ما ذكروه من نسخ قوله: شهر رمضان إلخ لقوله: أياما معدودات الخ، ونسخ قوله: اياما معدودات الخ، لقوله كتب عليكم الصيام، وتأملت معنى الآيات شاهدت عجبا.
قوله تعالى: فمن تطوع خيرا فهو خير له، التطوع تفعل من الطوع مقابل