الحلقة وهي قبل أن يهيأ للرمي فإنها حينئذ تكون شبه دائرة والدائرة تنقسم بما يسمى بالقوس وفي التعبير عن هذا المعنى بمثل هذه العبارة إشارة لطيفة إلى أن السائر بهذا السير منه سبحانه نزل وإليه صعد وأن الحركة الصعودية كانت انعطافية وانها لم تقع على نفس المسافة النزولية بل على مسافة أخرى كما حقق في محله فسيره كان من الله وإلى الله وفي الله وبالله ومع الله تبارك الله عز وجل والحجاب الذي كان بينهما هو حجاب البشرية وإنما يتلا لا لانغماسه في نور الرب تعالى بخفق أي باضطراب وتحرك وذلك لما كاد أن يفني عن نفسه بالكلية في نور الأنوار بغلبة سطوات الجلال وبانجذابه بشراشره إلى جناب القدس المتعال وهذا هو المعنى بالتدلي المعنوي ووصف الحجاب بالزبرجد كناية عن خضرته وذلك لان النور الإلهي الذي يشبه بلون البياض في التمثيل كان قد شابته ظلمة بشرية فصار ترا أي كأنه أخضر على لون الزبرجد وإنما سأله الله عز وجل عن خليفته لأنه كان قد أهمه أمر الأمة وكان في قلبه أن يخلف فيهم خليفته إذا ارتحل عنهم وقد علم الله ذلك منه ولذلك سأله عنه ولما كان الخليفة متعينا عند الله وعند رسوله قال الله تعالى ما قال ووصفه بأوصاف لم يكن لغيره أن ينال وفي هذا الحديث أسرار غامضة لا ينال إليها أيدي أفهامنا الخافضة فكلما جهدنا في إبدائها زدنا في اخفائها ولا سيما في معنى صلاة الله سبحانه وطلب العفو من نبيه في مقابله ومع ذلك فقد أشرنا إلى لمعة من ذلك في كتابنا المسمى بالوافي في شرح هذا الحديث ومن الله الإعانة على فهم أسراره.
(10) فأوحى إلى عبده ما أوحى في إبهام الموحى به تفخيم له القمي قال وحي مشافهة.
وفي الاحتجاج في الحديث الذي سبق ذكره فكان فيما أو حي إليه الآية التي في سورة البقرة قوله تعالى لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله الآية قال وكانت الآية قد عرضت على الأنبياء من لدن آدم إلى أن بعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله) وعرضت على الأمم فأبوا أن يقبلوها من ثقلها وقبلها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعرضها على أمته فقبلوها الحديث وقد سبق تمامه في سورة البقرة.