ألم تر أنهم في كل واد يهيمون القمي: يعني يناظرون بالأباطيل، ويجادلون بالحجج المضلة، وفي كل مذهب يذهبون، يعني بهم المغيرين دين الله (1).
وأنهم يقولون ما لا يفعلون القمي: يعظون الناس ولا يتعظون، وينهون عن المنكر ولا ينتهون، ويأمرون بالمعروف ولا يعملون، وهم الذين غصبوا آل محمد حقهم (2).
أقول: إنما سموا بالشعراء، لأن حجج المبطلين من أهل الجدل أكثرها خيالات شعرية لا حقيقة لها، وتمويهات لا طائل تحتها، كأقاويل الشعراء المادحين من لا يستحق، واللئام الممزقين أعراض الأنام، والمموهين الكلام، فكلا الفريقين سيان في (أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون) إلا أن ذكر اتباعهم الغاوين، إنما هو بالنظر إلى من له رياسة في الإضلال من أهل المذاهب الباطلة، فإنكار أحد المعنيين في الحديث يرجع إلى إنكار الحصر فيه.
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا.
سئل: ما هذا الذكر الكثير؟ قال: (من سبح تسبيح فاطمة الزهراء، فقد ذكر الله كثيرا) (3).
وفي رواية: (من ذكر الله في السر، فقد ذكر الله كثيرا) (4).
قيل: هو استثناء للشعراء المؤمنين الصالحين، الذين يكثرون ذكر الله، ويكون أكثر أشعارهم في التوحيد والثناء على الله تعالى، والحث على طاعته، ولو قالوا هجوا، أرادوا به الانتصار ممن هجاهم من الكفار، ومكافأة هجاة المسلمين، كحسان بن ثابت (5)