التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ١٦٩
(ها أنتم أولاء) الخاطئون في موالاة الكفار (تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتب كله) كتابكم وكتابهم، وهم لا يؤمنون بكتابكم. فيه توبيخ بأنهم في باطلهم أصلب منكم في حقكم. (وإذا لقوكم قالوا آمنا) نفاقا وتغديرا (وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ) تأسفا وتحسرا، حيث رأوا إيتلافكم واجتماع كلمتكم ولم يجدوا إلى التشفي سبيلا. (قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور).
(إن تمسسكم حسنة): نعمة من ألفة (1) أو ظفر على الأعداء (تسؤهم وإن تصبكم سيئة): محنة (يفرحوا بها وإن تصبروا) على عداوتهم (وتتقوا) موالاتهم و مخالطتهم (لا يضركم كيدهم شيئا) لما وعد الله الصابرين والمتقين من الحفظ (إن الله بما يعملون محيط).
(وإذ غدوت): واذكر إذ غدوت (من أهلك تبوئ المؤمنين): تهيئ لهم (مقعد للقتال): مواقف وأماكن له (والله سميع) لأقوالكم (عليم) بنياتكم.
" كان ذلك في غزوة أحد حين خرجت قريش من مكة يريدون حربه فخرج يبتغي موضعا للقتال، وكان عبأ (2) أصحابه، وكانوا سبعمأة رجل، فوضع " عبد الله بن جبير " في خمسين من الرماة على باب الشعب (3)، وأشفق أن يأتيهم كمينهم من ذلك المكان، فقال لهم: لا تبرحوا من هذا المكان والزموا مراكزكم. فلما انهزمت قريش ووقع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سوادهم ينهبون (4)، قال أصحاب " عبد الله بن جبير " لعبد الله:

١ - في " الف ": " من الله ".
٢ - عبأ المتاع والامر: هيأه، والجيش: جهزه. القاموس المحيط ١: ٢٣، ولسان العرب ١: ١١٨ (عبأ).
٣ - الشعب - بكسر الشين -: الطريق في الجبل ومسيل الماء في بطن أرض أو ما انفرج بين الجبلين.
القاموس المحيط ١: ٩١، ومجمع البحرين ٢: ٩٠، ولسان العرب ١: ٤٩٩ (شعب).
٤ - السواد: الشخص والمال الكثير. " مجمع البحرين ٣: ٧٢، ولسان العرب ٣: ٢٢٥ ". والنهب: الغنيمة.
ونهب النهب: أخذه. " مجمع البحرين ٢: ١٧٨، ولسان العرب ١: ٧٧٣ ". والمعنى أن أصحاب عبد الله بن جبير لما نظروا إلى أصحاب رسول الله يأخذون الأموال الكثيرة المتروكة في ساحة القتال من المشركين قالوا لعبد الله: قد غنم أصحابنا، ونحن نبقى بلا غنيمة.
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست