من أجراه على ما ورد مؤمنا به على طريق الإجمال، منزها الله تعالى عن الكيفية والتشبيه، وهم جمهور السلف، ومنهم من أوله على وجه يليق مستعمل في كلام العرب، ومنهم من أفرط في التأويل حتى كاد أن يخرج إلى نوع من التحريف، ومنهم من فصل بين ما يكون تأويله قريبا مستعملا في كلام العرب، وبين ما يكون بعيدا مهجورا، فأول في بعض وفوض في بعض، وهو منقول عن مالك وجزم به من المتأخرين ابن دقيق العيد.
قال البيهقي وأسلمها الإيمان بلا كيف والسكون عن المراد إلا أن يرد ذلك عن الصادق فيصار إليه اه كلام الحافظ.
وقال ابن العربي: حكى عن المبتدعة رد هذه الأحاديث، وعن السلف إمرارها، وعن قوم تأويلها، وبه أقول. فأما قوله ينزل فهو راجع إلى أفعاله، لا إلى ذاته، بل ذلك عبارة عن ملكه الذي ينزل بأمره ونهيه، والنزول كما يكون في الأجسام، يكون في المعاني، فإن حملته على المعنوي بمعنى أنه لم يفعل ثم فعل، فيسمى ذلك نزولا عن مرتبة إلى مرتبة، فهي عربية صحيحة اه والحاصل أنه تأوله بوجهين إما بأن المعنى ينزل أمره أو الملك بأمره، وإما بأنه استعارة لمعنى التلطف بالداعين والإجابة لهم ونحوه.
قال الحافظ: وقد حكى ابن فورك: أن بعض المشايخ ضبطه بضم أوله على حذف المفعول، أي ينزل ملكا، ويقويه ما رواه النسائي من طريق الأغر عن أبي هريرة وأبي سعيد، بلفظ (ان الله يمهل حتى يمضي شطر الليل ثم يأمر مناديا يقول: هل من داع فيستجاب له) (79) وفي حديث عثمان بن أبي العاص: (ينادي مناد هل من داع يستجاب له) (80) الحديث.