فتح المعين - حسن بن علي السقاف - الصفحة ٥٠
قال ابن عقيل: تعالى الله أن يكون له صفة تشغل الأمكنة هذا عين التجسيم، وليس الحق بذي أجزاء وأبعاض يعالج بها، ثم إنه لا يعمل في النار أمره وتكوينه حتى يستعين بشئ من ذاته ويعالجها بصفة من صفاته وهو القائل: (كوني بردا وسلاما) فما أسخف هذا الاعتقاد وأبعده عن مكون الأملاك والأفلاك فقد نطق بتكذيبهم فقال تعالى: (لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها) فكيف يظن بالخالق أنه يردها..؟! تعالى الله عن تجاهل المجسمة.
أقول: وليعلم أن الحنابلة كانوا يبغضون ابن عقيل وابن الجوزي الحنبليان لان اعتقادهما كان صحيحا موافقا لاعتقاد السلف الصالح، وابن عقيل وإن اتصل بالمعتزلة فإنه لم يقل الا بالحق في اعتقاده بل رد عليهم اغراقهم في التأويل ووافقهم فيما يقولونه من اعتقادات صحيحة فلا تصغ لغير ذلك، فقد قال الحافظ ابن حجر في اللسان (243 / 4): وهذا الرجل من كبار الأئمة، نعم كان معتزليا، ثم أشهد على نفسه أنه تاب عن ذلك، وصحت توبته، ثم صنف في الرد عليهم وقد أثنى عليه أهل عصره ومن بعدهم، وأطراه ابن الجوزي وعول على كلامه في أكثر تصانيفه اه‍.
وقول ابن حجر (نعم كان معتزليا ثم تاب) أي أعلن براءته من كل ما تقوله المعتزلة مما يخالف عقائد أهل السنة الأشاعرة والماتريدية وكلامه المنقول عنه عند ابن الجوزي من التأويل الحسن الجيد الذي لا غبار عليه، واقرار الحافظ ابن حجر لتعويل ابن الجوزي على كلام ابن عقيل أوضح دليل على حسن مسلك ابن عقيل وابن الجوزي وصحته عند أهل الحق وعند الحافظ ابن حجر الذي نقل كلام ابن عقيل في الفتح (597 / 8) مقرا له، ومنه يتبين أن ابن تيمية ومن تبعه خلط في أمر ابن عقيل فوصفه (في جزء تعارض العقل والنقل 8 / 65 - 61) بأنه من نفاة الصفات، وأنه تارة يحرم التأويل ويذمه وتارة يوجب التأويل، وله كلام مخالف للسنة والحق. قلت: الحقيقة أن ابن عقيل أول ما يحتاج إلى تأويل وبيان أو نفى أن يكون لكه رجل وتدم يضعها في النار، ولم يؤول أشياء أخرى لا حاجة لتأويلها وبيانها، وابن تيمية لا يعجبه ذلك فأراد أن يشوش صورته وكذا صورة ابن الجوزي فتننه ولا تغفل عن هذا.
والذي يؤكد ما تررناه أن الحافظ ابن حجر ذكر أنه كان معتزليا وتاب وأشهد على نفسه وابن رجب يقول في (ذيل طبقات الحنابلة 44 / 1 ا): ويظهر منه في بعض الأحيان نوع انحراف عن السنة وتأويل لبعض الصفات ولم يزل فيه بعض ذلك إلى أن مات رحمه الد. اه‍.
وابن رجب مثربه هو مشرب ابن تيمية كما هو معلوم وهؤلاء ينظرون لأمثال ابن عقيل وابن الجوزي نظرة انكار وبغض، من ذلك قول ابن تيمية في (درء التعارض 1 / 270): وكان الأشعري أقرب إلى مذهب أحمد وأهل السنة من كثير من المتأخرين المنتسبين إلى أحمد الذين مالوا إلى بعض كلام المعتزلة كابن عقيل وصدقة ابن الحسين وابن الجوزي وأمثالهم. اه‍ وفي هذا الكلام تصريح من ابن تيمية إلى أن ابن عقيل لم يكن معتزليا وإنما كان يميل بنظره إلى بعض أقوالهم وهي الأقوال التي تنفي التجسيم الذي يميل إليه ابن تيمية وأتباعه.
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 توطئة 3
2 تقديم 4
3 فتح المعين بنقد كتاب الأربعين 11
4 مقدمة 12
5 نقد باب إيجاب قبول صفة الله تعالى 16
6 نقد في باب الرد على من رأى كتمان أحاديث صفات الله تعالى 19
7 نقد باب أن الله تبارك وتقدس وتعالى شيء 23
8 نقد باب أن الله عز وجل شخص 24
9 تنبيه 25
10 نقد باب إثبات النفس لله عز وجل 26
11 نقد باب الدليل على أنه تعالى في السماء 27
12 نقد باب وضع الله عز وجل قدمه على الكرسي 29
13 نقد باب إثبات الحد لله عز وجل 31
14 نقد باب في إثبات الجهات لله عز وجل 32
15 نقد باب إثبات الصورة له عز وجل 34
16 نقد باب إثبات العينين له تعالى وتقدس 36
17 نقد باب إثبات اليدين لله عز وجل 38
18 نقد باب خلق الله الفردوس بيده 39
19 نقد باب إثبات الخط لله عز وجل 41
20 نقد باب أخذ الله صدقة المؤمن بيده 42
21 نقد باب إثبات الأصابع لله عز وجل 43
22 نقد باب إثبات الضحك لله عز وجل 46
23 نقد باب إثبات القدم لله عز وجل 48
24 نقد باب الدليل على أن القدم هو الرجل 51
25 نقد باب إثبات الهرولة لله عز وجل 53
26 نقد باب إثبات نزوله إلى السماء الدنيا 54
27 نقد باب إثبات رؤيتهم إياه عز وجل في الجنة 57
28 خاتمة فيها مسائل 58
29 بيني وبين الشيخ بكر 67