فتح المعين - حسن بن علي السقاف - الصفحة ٣٣
يرد باليمين ولا باليد: الجارحة، لأنه لو أريد به ذلك، لكان المقابل لليمين الشمال، وتستحيل نسبة الجارحة إلى الله سبحانه وتعالى، لأن ذلك إنما يكون في الأجسام المتحيزة المقدرة ذوات الجهة، وكل ذلك على الله سبحانه محال اه‍.
فظهر أن الحديث ينفي الجهة، وأن فهم المؤلف خطأ، ثم ما غرضه بإثبات الجهة لله (37)، مع أنها من خواص الأجسام المتحيزة؟.
.

(37) الله تعالى منزه عن الجهة، ولم يرد لفظ الجهة مضافا لله تعالى في كتاب ولا في سنة، والمجسمة الحشوية يقولون: لا نصف الله إلا بما وصف به نفسه، والإمام الطحاوي ينقل في عقيدته السلفية التي هي عقيدة أبي حنيفة وصاحبيه تنزيه الله عن الجهة فيقول: وتعالى عن الحدود والغايات، والأركان والأعضاء والأدوات لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات اه‍ وإنما صح وصفه سبحانه بالعلو من جهة المعنى، لا من جهة الحس، كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح (6 / 136). ونقل الإمام أبو منصور البغدادي في كتابه (الفرق 333) إجماع الأمة على تنزيه الله عن المكان، وذكر أن سيدنا علي كرم الله وجهه ورضى عنه قال: إن الله تعالى خلق العرش إظهارا لقدرته لا مكانا لذاته. اه‍ والإمام الحافظ البيهقي يقول في الأسماء والصفات ص (400):
واستدل بعض أصحابنا في نفي المكان عنه تعالى بقوله (ص): (أنت الظاهر فليس فوقك شئ وأنت الباطن فليس دونك شئ) وإذا لم يكن فوقه شئ ولا دونه شئ لم يكن في مكان. اه‍.
قلت: وإذا ثبت أنه منزه عن المكان ثبت أنه لا يوصف بأنه في جهة، لأن الجهة من لوازم الحادثات والله تعالى (ليس كمثله شئ) وابن تيمية يخالف هذا كله ويقول في عدة مواضع من كتبه بإثبات الجهة، منها في منهاج سنته (1 / 264) حيث يقول:
(فثبت أنه في الجهة على التقديرين) اه‍ وانظر قوله في التسعينية (ص 3) حيث يقول: أنا قول القائل الذي نطلب منه أن ينفي الجهة عن الله والتحيز فليس في كلامي إثبات لهذا اللفظ - (ولم يصدق كما تقدم النقل عنه) - لأن اطلاق هذا اللفظ نفيا واثباتا بدعة. اه‍ قلت: فحكم على نفسه بالابتداع، وهذه مغالطة منه، فان في قوله سبحانه: (ليس كمثله شئ) نص صريح في نفي الجهة عنه تعالى إذ لو لم تنتف الجهة لكانت له أمثال لا تحصى تعالى الله عن ذلك.
(٣٣)
مفاتيح البحث: ابن تيمية (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 توطئة 3
2 تقديم 4
3 فتح المعين بنقد كتاب الأربعين 11
4 مقدمة 12
5 نقد باب إيجاب قبول صفة الله تعالى 16
6 نقد في باب الرد على من رأى كتمان أحاديث صفات الله تعالى 19
7 نقد باب أن الله تبارك وتقدس وتعالى شيء 23
8 نقد باب أن الله عز وجل شخص 24
9 تنبيه 25
10 نقد باب إثبات النفس لله عز وجل 26
11 نقد باب الدليل على أنه تعالى في السماء 27
12 نقد باب وضع الله عز وجل قدمه على الكرسي 29
13 نقد باب إثبات الحد لله عز وجل 31
14 نقد باب في إثبات الجهات لله عز وجل 32
15 نقد باب إثبات الصورة له عز وجل 34
16 نقد باب إثبات العينين له تعالى وتقدس 36
17 نقد باب إثبات اليدين لله عز وجل 38
18 نقد باب خلق الله الفردوس بيده 39
19 نقد باب إثبات الخط لله عز وجل 41
20 نقد باب أخذ الله صدقة المؤمن بيده 42
21 نقد باب إثبات الأصابع لله عز وجل 43
22 نقد باب إثبات الضحك لله عز وجل 46
23 نقد باب إثبات القدم لله عز وجل 48
24 نقد باب الدليل على أن القدم هو الرجل 51
25 نقد باب إثبات الهرولة لله عز وجل 53
26 نقد باب إثبات نزوله إلى السماء الدنيا 54
27 نقد باب إثبات رؤيتهم إياه عز وجل في الجنة 57
28 خاتمة فيها مسائل 58
29 بيني وبين الشيخ بكر 67