لديه، وأنه فاق السابقين في الوقوف على أطراف الحديث وزياداته وتمحيصها، وبيان ما خفي على المحدثين والحفاظ من خفايا عللها، وأنه وإن كان أصغر رتبة في هذا العلم من البخاري قليلا! لكنه يستطيع أن ينتقده ويضعف ما صححه!، كما أنه يستطيع أن يتعقب الامام مسلما حتى فيما لم يسبقه به أحد من الحفاظ المتقدمين، والأئمة السالفين، وقد هضم حقه بعض تلاميذه وشركائه حين وصفه أنه برتبة الحافظ ابن حجر أمير المؤمنين في الحديث!، وإلى هنا فقد (بلغ السيل الزبى) لا سيما وأن الشباب المفتونين بتخريجاته وتعليقاته، وأمثالهم ممن انبهر بمصنفاته، لا يعرفون اخراج الحديث من الكتب التي ينقل منها، مع ملاحظة المثل السائر، (إن الحب يعمي ويصم) وقد صرح لهم أنه لا يقلد في هذا الفن أحدا كما صرح في مقدمته الفذة (لآداب زفافه) المشحونة بالنيل من أهل العلم والفضل والافتراء عليهم، فإذا علمت هذا فقبل أن نمثل لك على كل ما قلناه إن شاء الله تعالى برهانا علميا ودليلا حسيا، نقول: يلزم على من ادعى أنه خلاصة المحدثين، وزبدة المؤلفين والمصنفين، الذي فاق بعلمه الأولين والآخرين، ما خلا الأنبياء والمرسلين، وأنه المحقق الذي غربل ونقى الاخبار والآثار، وبين الصحيح من السقيم في كلام الأخيار والأبرار، أن يكون الغلط في كلامه أقل ما يمكن، وأن لا يكثر الخبط في تقريراته، وأن يكاد يعدم التناقض في ما يحكم عليه، لأننا نقول جميعا: إن العصمة للأنبياء، والتنزه من الخطأ صفة كتاب الله تعالى، ونحن لا نقول له: إن نصيحته للناس أن يعولوا على كتاباته المنقحة
(٥)