اطلاعة، لذاب جسمك، ولزهقت نفسك اشتياقا، ولو اطلعت إلى جهنم اطلاعة لبكيت بالصديد بعد الدموع، وللبست الحديد بعد المسوح.
وذكر ابن أبي الدنيا بإسناده عن سفيان، قال: كان عمر بن عبد العزيز ساكتا وأصحابه يتحدثون، فقالوا: مالك لا تتكلم يا أمير المؤمنين، قال: كنت مفكرا في أهل الجنة كيف يتزاورون فيها، وفي أهل النار كيف يصطرخون فيها، ثم بكى.
وعن مغيث الأسود أنه كان يقول: زوروا القبور كل يوم بفكركم، وتوهموا جوامع الخير كل يوم في الجنة بعقولكم، وشاهدوا الموقف كل يوم بقلوبكم، وانظروا إلى المنصرف بالفريقين إلى الجنة والنار بهممكم، وأشعروا قلوبكم وأبدانكم ذكر النار ومقامعها وأطباقها.
وعن صالح المري أنه قال: (للبكاء دواعي الفكرة في الذنوب، فإن أجابت على ذلك القلوب وإلا نقلتها إلى الموقف وتلك الشدائد والأهوال، فإن أجابت إلى ذلك وإلا فاعرض عليها التقلب بين أطباق النيران، قال: ثم صاح، فغشي عليه، وتصايح الناس من جوانب المسجد.
وعن أبي سليمان الداراني، قال: خرج مالك بن دينار بالليل إلى قاعة الدار وترك أصحابه في البيت، فأقام إلى الفجر قائما في وسط الدار، فقال لهم: إني كنت في وسط الدار خطر ببالي أهل النار، فلم يزالوا يعرضون علي بسلاسلهم وأغلالهم حتى الصباح.
وكان سعيد الجرمي يقول في وصف الخائفين: إذا مروا بآية من ذكر النار، صرخوا منها فرقا، كأن زفير النار في آذانهم، وكأن الآخرة، نصب أعينهم.
وقال الحسن: إن لله عبادا كمن رأى أهل الجنة في الجنة مخلدين، وكمن