وكان جماعة من عباد البصرة مرضوا من الخوف، ولزموا منازلهم، كالعلاء بن زياد، وعطاء السلمي، وكان عطاء قد صار صاحب فراش عدة سنين. وكانوا يرون أن بدء مرض عمر بن عبد العزيز الذي مات فيه كان من الخوف.
وروى الإمام أحمد عن حسين بن محمد عن فضيل عن محمد بن مطرف، قال: حدثني الثقة، أن شابا من الأنصار، دخل خوف النار قلبه، فجلس في البيت، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم، فقام إليه فاعتنقه، فشهق شهقة خرجت نفسه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (جهزوا صاحبكم فلذ خوف النار كبده). ورواه ابن المبارك عن محمد بن مطرف به بنحوه، وروي من وجه آخر متصلا، خرجه ابن أبي الدنيا، حدثنا الحسن بن يحيى، حدثنا حازم بن جبل بن أبي نضرة العبدي، عن أبي سنان، عن الحسن، عن حذيفة، قال: كان شاب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي عند ذكر النار، حتى حبسه ذلك في البيت، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم، فلما نظر إليه الشاب قام إليه واعتنقه وخر ميتا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: جهزوا صاحبكم فإن الفرق من النار فلذ كبده، والذي نفسي بيده لقد أعاذه الله منها، فمن رجا شيئا طلبه، ومن خاف شيئا هرب منه). والمرسل أصح وخازم بن جبلة، قال ابن مخلد الدوري الحافظ، لا يكتب حديثه.
وقال حفصي بن عمرو الجعفي اشتكى داود الطائي أياما، وكان سبب علته أنه مر بآية فيها ذكر النار، فكررها مرارا في ليلته، فأصبح مريضا، فوجدوه قد مات ورأسه على لبنة. خرجه أبو نعيم.
وخرج أيضا هو وابن الدنيا، وغيرهما من غير وجه، قصة منصور بن عمار مع الذي مر به بالكوفة ليلا، وهو يناجي ربه، فتلا منصور هذه الآية.
(يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) [التحريم: 6]