ورسوله في ارتكاب المحارم سرا مع إظهار اجتنابها.
قال بعض السلف: كنا نتحدث أن صاحب النار من لا تمنعه خشية الله من شيء خفي له.
الصنف الثالث: المخادع الذي دأبه صباحا ومساء مخادعة الناس على أهليهم وأموالهم، والخداع من أوصاف المنافقين، كما وصفهم الله تعالى بذلك، والخداع معناه إظهار الخير وإضمار الشر، لقصد التوصل إلى أموال الناس وأهاليهم والانتفاع بذلك، وهو من جملة المكر والحيل المحرمة، وفي حديث ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " من غشنا فليس منا، والمكر والخداع في النار ".
الصنف الرابع: الكذب والبخل، ولم يحفظ الراوي ما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا حفظا جيدا، والكذب والبخل خصلتان. وفي " مسند الإمام أحمد " في هذا الحديث الكذب أو البخل بالشك، وقد قيل: إنه عدهما واحدا، كذا قاله مطر الوراق وهو أحد رواة هذا الحديث.
والكذب والبخل، كلاهما ينشأ عن الشح، كما جاء ذلك في الأحاديث، والشح هو شدة حرص الإنسان على ما ليس له من الوجوه المحرمة، وينشأ عنه البخل، وهو إمساك الإنسان ما في يده والامتناع من إخراجه في وجوهه التي أمر بها، فالمخادع الذي سبق ذكره هو الشحيح، وهذا الصنف هو البخيل، فالشحيح أخذ المال بغير حقه، والبخيل منعه من حقه، كذلك روى تفسير الشح والبخل عن ابن مسعود وطاووس وغيرهما من السلف، وفي الأثر " إن الشيطان قال: مهما غلبني ابن آدم فلن يغلبني بثلاث: يأخذ المال من غير حله، أو ينفقه في غير وجهه، أو يمنعه من حقه ".
وينشأ عن الشح أيضا، الكذب والمخادعة والتحيل على ما لا يستحقه الإنسان بالطرق الباطلة المحرمة. وفي " الصحيح " عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال:
" إن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار ".