والعقبة قد فسرها ابن عباس بالنار، وفسرها ابن عمر بعقبة في النار كما تقدم، فأخبر سبحانه أن اقتحامها، وهو قطعها مجاوزتها، يحصل بالإحسان إلى الخلق، إما بعتق الرقبة، وإما بالإطعام في المجاعة، والمطعم إما يتيم من ذوي القربى أو مسكين قد لصق بالتراب فلم يبق له شيء، ولا بد مع هذا الإحسان أن يكون من أهل الإيمان، والآمر لغيره بالعدل والإحسان، وهو التواصي بالصبر والتواصي بالمرحمة، وأخبر سبحانه أن هذه الأوصاف: أوصاف أصحاب الميمنة.
وأما أهل النار، فقد قسمهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث خمسة أصناف:
الصنف الأول: الضعيف الذي لا زبر له، ويعنى بالزبر القوة والحرص على ما ينتفع به صاحبه في الآخرة من التقوى والعمل الصالح. وخرج العقيلي من حديث أبي هريرة مرفوعا " إن الله يبغض المؤمن الذي لا زبر له " قال بعض رواة الحديث:
يعني الشدة في الحق. ولما حدث مطرف بن عبد الله بحديث عياض بن حمار هذا وبلغ قوله: " الضعيف الذي لا زبر له " فقيل له: أو يكون هذا؟ قال: نعم، والله لقد أدركتهم في الجاهلية، وإن الرجل ليرعى على الحي ماله إلا وليدتهم يطؤها.
وقال ابن شوذب: يقال: إن عامة أهل النار كل ضعيف لا زبر له، الذين هم فيكم اليوم تبع لا يبغون أهلا ولا مالا، خرجه عبد الله بن الإمام أحمد في " الزهد "، وهذا القسم شر أقسام الناس، ونفوسهم ساقطة، لأنهم ليس لهم همم في طلب الدنيا ولا الآخرة، وإنما همة أحدهم شهوة بطنه وفرجه كيف اتفق له، وهو تبع للناس خادم لهم أو طواف عليهم سائل لهم.
والصنف الثاني: الخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانه، أي يعني لا يقدر على خيانة ولو كانت حقيرة يسيرة إلا بادر إليها واغتنمها، ويدخل في ذلك التطفيف في المكيال والميزان، وكذلك الخيانة في الأمانات القليلة كالودائع وأموال اليتامى وغير ذلك وهو خصلة من خصال النفاق وربما يدخل الخيانة من خان الله