عكرمة قال: إن أول من وصل من أهل النار إلى النار، وجدوا على الباب أربعمائة ألف من خزنة جهنم مسودة وجوههم كالحة أنيابهم، قد نزع الله الرحمة من قلوبهم، ليس في قلب واحد منهم مثقال ذرة من الرحمة، لو طار الطائر من منكب أحدهم لطار شهرين قبل أن يبلغ المنكب الآخر، ثم يجدون على الباب التسعة عشر، عرض صدر أحدهم سبعون خريفا، ثم يهوون من باب إلى باب خمسمائة سنة حتى يأتوا الباب، ثم يجدون على كل باب منها من الخزنة مثل ما وجدوا على الباب الأول، حتى ينتهوا إلى آخرها. خرجه ابن أبي حاتم.
وهذا يدل على أن على كل باب من أبواب جهنم تسعة عشر خزانا هم رؤساء الخزنة، تحت يد كل واحد منهم أربعمائة ألف.
والمشهور بين السلف والخلف، أن الفتنة إنما جاءت من حيث ذكر عدد الملائكة الذين اغتر الكفار بقتلهم، وظنوا أنهم يمكنهم مدافعتهم وممانعتهم، ولم يعلموا أن كل واحد من الملائكة لا يمكن البشر كلهم مقاومته، ولهذا قال الله تعالى:
(وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا) إلى قوله (وما يعلم جنود ربك إلا هو) [المدثر: 31].
قال السدي: إن رجلا من قريش، يقال له أبو الأشدين، قال: يا معشر قريش، لا يهولنكم التسعة عشر، أنا أدفع عنكم بمنكبي الأيمن عشرة من الملائكة، وبمنكبي الأيسر التسعة الباقية، ثم تمرون إلى الجنة - يقوله مستهزئا - فقال الله عز وجل: (وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا). وقال قتادة: ذكر لنا أن أبا جهل، حين نزلت هذه الآية، قال: يا معشر قريش، أما يستطيع كل عشرة منكم أن يأخذوا واحدا من خزنة النار وأنتم الدهم، وصاحبكم هذا يزعم أنهم تسعة عشر؟!.