(قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا) الآيتين، فسكت عنهم مثل مقدار الدنيا، ثم أجابهم بعد: (اخسؤوا فيها ولا تكلمون).
وروى صفوان بن عمرو، قال: سمعت أيفع بن عبد الكلاعي، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، قال الله: يا أهل الجنة، (كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم) [المؤمنون: 112 - 113].
قال: نعم ما اتجرتم في يوم أو بعض يوم رحمتي ورضواني وجنتي، امكثوا فيها خالدين مخلدين، ثم يقول لأهل النار: (كم لبثتم في الأرض عدد سنين * قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم) فيقول: بئس ما اتجرتم في يوم أو بعض يوم، سخطي، ومعصيتي، وناري، امكثوا فيها خالدين مخلدين، فيقولون: (ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون) فيقول: (اخسؤوا فيها ولا تكلمون) فيكون ذلك آخر عهدهم بكلام ربهم عز وجل. خرجه أبو نعيم، وقال: كذا رواه أيفع مرسلا.
وقال أبو الزعراء، عن ابن مسعود: إذا أراد الله أن لا يخرج منها أحدا، غير وجوههم وألوانهم، فيجئ الرجل من المؤمنين، فيشفع، فيقول: يا رب، فيقال:
من عرف أحدا فليخرجه، قال: فيجئ الرجل من المؤمنين، فينظر فلا يعرف أحدا، فيناديه الرجل فيقول: يا فلان أنا فلان، فيقول: ما أعرفك! قال: فعند ذلك يقولون في النار: (ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون) فيقول عند ذلك: (اخسؤوا فيها ولا تكلمون)، فإذا قال ذلك، أطبقت عليهم، فلم يخرج منها أحد.
وفي رواية، قال ابن مسعود، ليس بعد هذه الآية خروج (اخسؤوا فيها ولا تكلمون).