شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ٧٢
(436) الأصل:
وقال عليه السلام:
من شكا الحاجة إلى مؤمن فكأنما شكاها إلى الله، ومن شكاها إلى كافر فكأنما شكا الله.
الشرح:
قد تقدم القول في شكوى الحال وكراهيتها، وكلام أمير المؤمنين عليه السلام يدل على إنه لا يكره شكوى الحال إلى المؤمن، ويكرهها إلى غير المؤمن، وهذا مذهب ديني غير المذهب العرفي.
وأكثر مذاهبه ومقاصده عليه السلام في كلامه ينحو فيها نحو الدين والورع والاسلام، وكأنه يجعل الشكوى إلى المؤمن كالشكوى إلى الخالق سبحانه، لأنه لا يشكو إلى المؤمن إلا وقد خلت شكواه من التسخط والتأفف، ولا يشكو إلى الكافر إلا وقد شاب شكواه بالاستزادة والتضجر، فافترقت الحال في الموضعين.
فأما المذهب المشهور في العرف والعادة فاستهجان الشكوى على الاطلاق لأنها دليل على ضعف النفس وخذلانها، وقلة الصبر على حوادث الدهر، وذلك عندهم غير محمود.
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست