(٢٢٥) الأصل:
كفى بالقناعة ملكا، وبحسن الخلق نعيما.
الشرح:
قد تقدم القول في هذين، وهما القناعة وحسن الخلق.
وكان يقال يستحق الانسانية من حسن خلقه، ويكاد السيئ الخلق يعد من السباع.
وقال بعض الحكماء: حد القناعة هو الرضا بما دون الكفاية، والزهد: الاقتصار على الزهيد، أي القليل، وهما متقاربان، وفي الأغلب إنما الزهد هو رفض الأمور الدنيوية مع القدرة عليها، وأما القناعة فهي إلزام النفس الصبر عن المشتهيات التي لا يقدر عليها، وكل زهد حصل عن قناعة فهو تزهد، وليس بزهد، وكذلك قال بعض الصوفية: القناعة أول الزهد، تنبيها على أن الانسان يحتاج أولا إلى قدع نفسه وتخصصه بالقناعة ليسهل عليه تعاطى الزهد، والقناعة التي هي الغنى بالحقيقة، لان الناس كلهم فقراء من وجهين: أحدهما لافتقارهم إلى الله تعالى كما قال: ﴿يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى الحميد﴾ (١).
والثاني لكثرة حاجاتهم فأغناهم لا محالة أقلهم حاجة، ومن سد مفاقره بالمقتنيات فما في انسدادها مطمع، وهو كمن يرقع الخرق بالخرق، ومن يسدها بالاستغناء عنها بقدر وسعه والاقتصار على تناول ضرورياته فهو الغنى المقرب من الله سبحانه، كما أشار إليه في قصة طالوت: ﴿إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس منى ومن لم يطعمه فإنه منى إلا من اغترف غرفه بيده﴾ (2)، قال أصحاب المعاني والباطن: هذا إشارة إلى الدنيا.