يدخل النار، لأنه أتى بكبيرة أخرى نحو القتل والزنا والفرار من الزحف وأمثال ذلك!
والجواب أن معنى كلامه عليه السلام هو إن من قرأ القرآن فمات فدخل النار لأجل قراءته القرآن فهو ممن كان يتخذ آيات الله هزوا، أي يقرؤه هازئا به، ساخرا منه، مستهينا بمواعظه وزواجره، غير معتقد إنه من عند الله.
فإن قلت: إنما دخل من ذكرت النار، لا لأجل قراءته القرآن، بل لهزئه به، وجحوده إياه، وأنت قلت: معنى كلامه إنه من دخل النار لأجل قراءته القرآن فهو ممن كان يستهزئ بالقرآن!
قلت: بل إنما دخل النار لأنه قرأه على صفه الاستهزاء والسخرية، ألا ترى أن الساجد للصنم يعاقب لسجوده له على جهة العبادة والتعظيم، وإن كان لولا ما يحدثه مضافا للسجود من أفعال القلوب لما عوقب.
ويمكن أن يحمل كلامه عليه السلام على تفسير آخر، فيقال إنه عنى بقوله: إنه كما كان ممن يتخذ آيات الله هزوا: إنه يعتقد أنها من عند الله، ولكنه لا يعمل بموجبها كما يفعله الان كثير من الناس.
قوله عليه السلام: (التاط بقلبه) أي لصق. ولا يغبه، أي لا يأخذه غبا، بل يلازمه دائما، وصدق عليه السلام فإن حب الدنيا رأس كل خطيئة، وحب الدنيا هو الموجب للهم والغم والحرص والأمل والخوف على ما اكتسبه أن ينفد، وللشح بما حوت يده، وغير ذلك من الأخلاق الذميمة.