شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٩ - الصفحة ٤٥
(219) الأصل:
من كساه الحياء ثوبه، لم ير الناس عيبه.
الشرح:
قد سبق منا قول كثير في الحياء.
[فصل في الحياء وما قيل فيه] وكان يقال الحياء تمام الكرم، والحلم تمام العقل.
وقال بعض الحكماء: الحياء انقباض النفس عن القبائح، وهو من خصائص الانسان، لأنه لا يوجد في الفرس ولا في الغنم والبقر، ونحو ذلك من أنواع الحيوانات، فهو كالضحك الذي يختص به نوع الانسان، وأول ما يظهر من قوة الفهم في الصبيان الحياء، وقد جعله الله تعالى في الانسان ليرتدع به عما تنزع إليه نفسه من القبيح، فلا يكون كالبهيمة، وهو خلق مركب من جبن وعفة، ولذلك لا يكون المستحي فاسقا، ولا الفاسق مستحيا (1)، لتنافي اجتماع العفة والفسق، وقلما يكون الشجاع مستحيا والمستحي شجاعا لتنافي اجتماع الجبن والشجاعة، ولعزة وجود ذلك ما يجمع الشعراء بين المدح بالشجاعة والمدح بالحياء نحو قول القائل:
يجرى الحياء الغض من قسماتهم في حين يجرى من أكفهم الدم.

(1) ب: (مستحييا).
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تابع ما ورد من حكمه عليه السلام ومختار أجوبة مسائله، وكلامه 7
2 فصل في الحياء وما قيل فيه 45
3 مثل من شجاعة علي عليه السلام 60
4 قصة غزوة الخندق 62
5 ما جرى بين يحيى بن عبد الله وعبد الله بن مصعب عند الرشيد 91
6 من كلامه عليه السلام لكميل بن زياد النخعي وشرح ذلك 99
7 نبذ من غريب كلام الإمام علي وشرحه لابن عبيد 116
8 نبذ من غريب كلام الإمام علي وشرحه لابن قتيبة 124
9 خطبة منسوبة للإمام علي خالية من حرف الألف 140
10 من كلامه عليه السلام في وصف صديق وشرح ذلك 183
11 نبذ من الأقوال الحكيمة في حمد القناعة وقلة الأكل 184
12 نبذ من الأقوال الحكيمة في الفقر والغنى 227
13 نبذ من الأقوال الحكيمة في الوعد والمطل 248
14 نبذ من الأقوال الحكيمة في وصف حال الدنيا وصروفها 287
15 أقوال مأثورة في الجود والبخل 316
16 نبذ مما قيل في حال الدنيا وهوانها واغترار الناس بها 326
17 مما ورد في الطيب من الآثار 341
18 نبذ مما قيل في التيه والفخر 352
19 طرائف حول الأسماء والكنى 365
20 أقوال في العين والسحر والعدوي والطيرة والفأل 372
21 نكت في مذاهب العرب وتخيلاتها 383