(219) الأصل:
من كساه الحياء ثوبه، لم ير الناس عيبه.
الشرح:
قد سبق منا قول كثير في الحياء.
[فصل في الحياء وما قيل فيه] وكان يقال الحياء تمام الكرم، والحلم تمام العقل.
وقال بعض الحكماء: الحياء انقباض النفس عن القبائح، وهو من خصائص الانسان، لأنه لا يوجد في الفرس ولا في الغنم والبقر، ونحو ذلك من أنواع الحيوانات، فهو كالضحك الذي يختص به نوع الانسان، وأول ما يظهر من قوة الفهم في الصبيان الحياء، وقد جعله الله تعالى في الانسان ليرتدع به عما تنزع إليه نفسه من القبيح، فلا يكون كالبهيمة، وهو خلق مركب من جبن وعفة، ولذلك لا يكون المستحي فاسقا، ولا الفاسق مستحيا (1)، لتنافي اجتماع العفة والفسق، وقلما يكون الشجاع مستحيا والمستحي شجاعا لتنافي اجتماع الجبن والشجاعة، ولعزة وجود ذلك ما يجمع الشعراء بين المدح بالشجاعة والمدح بالحياء نحو قول القائل:
يجرى الحياء الغض من قسماتهم في حين يجرى من أكفهم الدم.