نهيا عن حسن، وكل فعل لا يأمن فاعله أن يكون مختصا بوجه قبيح فهو قبيح، ألا ترى أنه يقبح من الانسان أن يخبر على القطع بأن زيدا في الدار إذا لم يأمن إلا يكون فيها، لأنه لا يأمن أن يكون خبره كذبا!
ومنها أن يكون ما ينهى عنه واقعا: لان غير الواقع لا يحسن النهى عنه، وإنما يحسن الذم عليه، والنهى عن أمثاله.
ومنها ألا يغلب على ظن المنكر إنه إن أنكر المنكر، فعله المنكر عليه، وضم إليه منكرا آخر، ولو لم ينكر عليه لم يفعل المنكر الاخر، فمتى غلب على ظنه ذلك قبح إنكاره، لأنه يصير مفسده، نحو أن يغلب على ظننا إنا إن أنكرنا على شارب الخمر شربها شربها وقرن إلى شربها القتل، وإن لم ننكر عليه شربها ولم يقتل أحدا.
ومنها ألا يغلب على ظن الناهي عن المنكر أن نهيه لا يؤثر، فإن غلب على ظنه ذلك قبح نهيه عند من يقول من أصحابنا أن التكليف من المعلوم منه أن يكفر لا يحسن، إلا أن يكون فيه لطف لغير ذلك المكلف. وأما من يقول من أصحابنا أن التكليف من المعلوم منه إنه يكفر حسن وإن لم يكن فيه لطف لغير المكلف، فإنه لا يصح منه القول بقبح هذا الانكار.
فأما شرائط وجوب النهى عن المنكر فأمور:
منها أن يغلب على الظن وقوع المعصية نحو أن يضيق وقت صلاة الظهر، ويرى الانسان لا يتهيأ للصلاة، أو يراه تهيأ لشرب الخمر بإعداد آلته، ومتى لم يكن كذلك حسن منا أن ندعوه إلى الصلاة، وإن لم يجب علينا دعاؤه.
ومنها ألا يغلب على ظن الناهي عن المنكر إنه إن أنكر المنكر لحقته في نفسه وأعضائه مضرة عظيمة، فإن غلب ذلك على ظنه وإنه لا يمتنع من ينكر عليه من فعل