قال الشيخ أبو علي - رحمه الله: العقل يدل على وجوبه، وإلى هذا القول مال شيخنا أبو الحسين رحمه الله.
وأما كيفية وجوبه فإنه واجب على الكفاية دون الأعيان، لان الغرض ألا يقع المنكر، فإذا وقع لأجل انكار طائفة لم يبق وجه لوجوب الانكار على من سواها.
وأما شروط حسنة فوجوه:
منها أن يكون ما ينكره قبيحا، لان إنكار الحسن وتحريمه قبيح، والقبيح على ضروب: فمنه ما يقبح من كل مكلف، وعلى كل حال، كالظلم. ومنها ما يقبح من كل مكلف على وجه دون وجه، كالرمي بالسهام، وتصريف الحمام، والعلاج بالسلاح، لان تعاطى ذلك لمعرفة الحرب والتقوى على العدو، ولتعرف أحوال البلاد بالحمام حسن لا يجوز إنكاره، وإن قصد بالاجتماع على ذلك الاجتماع على السخف واللهو ومعاشرة ذوي الريب والمعاصي فهو قبيح يجب إنكاره.
ومنه ما يقبح من مكلف ويحسن من آخر على بعض الوجوه، كشرب النبيذ، والتشاغل بالشطرنج، فأما من يرى حظرهما أو يختار تقليد من يفتى بحظرهما، فحرام عليه تعاطيهما على كل حال، ومتى فعلهما حسن الانكار عليه، وأما من يرى إباحتهما أو من يختار تقليد من يفتى بإباحتهما، فإنه يجوز له تعاطيهما على وجه دون وجه، وذلك إنه يحسن شرب النبيذ من غير سكر ولا معاقرة والاشتغال بالشطرنج للفرجة وتخريج الرأي والعقل، ويقبح ذلك إذا قصد به السخف، وقصد بالشرب المعاقرة والسكر، فالثاني يحسن إنكاره ويجب، والأول لا يحسن إنكاره لأنه حسن من فاعله.
ومنها أن يعلم المنكر أن ما ينكره قبيح، لأنه إذا جوز حسنه كان بإنكاره له وتحريمه إياه محرما لما لا يأمن أن يكون حسنا، فلا يأمن أن يكون ما فعله من النهى