(381) الأصل:
وروى أبو جحيفة قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول:
إن أول ما تغلبون عليه من الجهاد، الجهاد بأيديكم، ثم بألسنتكم، ثم بقلوبكم، فمن لم يعرف بقلبه معروفا ولم ينكر منكرا، قلب فجعل أعلاه أسفله، وأسفله أعلاه.
الشرح:
إنما قال ذلك لان الانكار بالقلب آخر المراتب، وهو الذي لا بد منه على كل حال، فأما الانكار باللسان وباليد فقد يكون منهما بد، وعنهما عذر، فمن ترك النهى عن المنكر بقلبه، والامر بالمعروف بقلبه، فقد سخط الله عليه لعصيانه، فصار كالممسوخ الذي يجعل الله تعالى أعلاه أسفله، وأسفله أعلاه تشويها لخلقته، ومن يقول بالأنفس الجسمانية، وإنها بعد المفارقة يصعد بعضها إلى العالم العلوي: وهي نفوس الأبرار وبعضها ينزل إلى المركز، وهي نفوس الأشرار، يتأول هذا الكلام على مذهبه، فيقول:
إن من لا يعرف بقلبه معروفا، أي لا يعرف من نفسه باعثا عليه ولا متقاضيا بفعله، ولا ينكر بقلبه منكرا، أي لا يأنف منه ولا يستقبحه، ويمتعض من فعله يقلب نفسه التي قد كان سبيلها أن تصعد إلى عالمها فتجعل هاوية في حضيض الأرض، وذلك عندهم هو العذاب والعقاب.