وفاكهتي وطعامي ما أنبتت الأرض، أبيت وليس لي شئ، وليس على الأرض أحد أغنى منى.
وفي بعض الكتب القديمة: إن الله تعالى لما بعث موسى وهارون عليه السلام إلى فرعون قال: لا يروعنكما لباسه الذي لبس من الدنيا، فإن ناصيته بيدي ليس ينطق ولا يطرف ولا يتنفس إلا بإذني، ولا يعجبكما ما متع به منها، فإن ذلك زهرة الحياة الدنيا، وزينة المترفين، ولو شئت أن أزينكما بزينة من الدنيا يعرف فرعون حين يراها أن مقدرته تعجز عما وهبتما لفعلت، ولكني أرغب بكما عن ذلك، وأزوى ذلك عنكما، وكذلك أفعل بأوليائي، إني لأذودهم عن نعيمها كما يذود الراعي الشفيق غنمه عن مراتع الهلكة، وإني لأجنبهم حب المقام فيها كما يجنب الراعي الشفيق أبله عن مبارك العر، وما ذاك لهوانهم على، ولكن ليستكملوا نصيبهم من كرامتي سالما موفورا، إنما يتزين لي أوليائي بالذل والخضوع والخوف، وإن التقوى لتثبت في قلوبهم، فتظهر على وجوههم، فهي ثيابهم التي يلبسونها، ودثارهم الذي يظهرون، وضميرهم الذي يستشعرون، ونجاتهم التي بها يفوزون، ورجاؤهم الذي إياه يأملون، ومجدهم الذي به يفتخرون، وسيماهم التي بها يعرفون، فإذا لقيهم أحدكما فليخفض لهم جناحه، وليذلل لهم قلبه ولسانه، وليعلم إنه من أخاف لي وليا فقد بارزني بالمحاربة، ثم أنا الثائر به يوم القيامة.
ومن كلام بعض الحكماء: الأيام سهام، والناس أغراض، والدهر يرميك كل يوم بسهامه، ويتخرمك بلياليه وأيامه، حتى يستغرق جميع أجزائك، ويصمي جميع أبعاضك، فكيف بقاء سلامتك مع وقوع الأيام بك، وسرعة الليالي في بدنك! ولو كشف لك عما أحدثت الأيام فيك من النقص لاستوحشت من كل يوم يأتي عليك واستثقلت ممر الساعات بك، ولكن تدبير الله تعالى فوق النظر والاعتبار.