(375) الأصل:
يأتي على الناس زمان لا يبقى فيهم من القرآن إلا رسمه، ومن الاسلام إلا اسمه، مساجدهم يومئذ عامرة من البناء: خراب من الهدى، سكانها وعمارها شر أهل الأرض، منهم تخرج الفتنة، وإليهم تأوى الخطيئة، يردون من شذ عنها فيها، ويسوقون من تأخر عنها إليها، يقول الله سبحانه فبي حلفت، لأبعثن على أولئك فتنة أترك الحليم فيها حيران، وقد فعل، ونحن نستقيل الله عثرة الغفلة.
الشرح:
هذه صفة حال أهل الضلال والفسق والرياء من هذه الأمة، ألا تراه يقول:
سكانها وعمارها، يعنى سكان المساجد، وعمار المساجد شر أهل الأرض، لأنهم أهل ضلالة كمن يسكن المساجد الان ممن يعتقد التجسم والتشبيه والصورة والنزول والصعود والأعضاء والجوارح، ومن يقول بالقدر يضيف فعل الكفر والجهل والقبيح إلى الله تعالى، فكل هؤلاء أهل فتنة، يردون من خرج منها إليها، ويسوقون من لم يدخل فيها إليها أيضا.
ثم قال حاكيا عن الله تعالى: إنه حلف بنفسه ليبعثن على أولئك فتنة، يعنى استئصالا وسيفا حاصدا يترك الحليم أي العاقل اللبيب فيها حيران لا يعلم كيف وجه خلاصه.
ثم قال عليه السلام: وقد فعل.
وينبغي أن يكون قد قال هذا الكلام في أيام خلافته، لأنها كانت أيام السيف المسلط على أهل الضلال من المسلمين، وكذلك ما بعثه الله تعالى على بنى أمية وأتباعهم من سيوف بنى بني هاشم بعد انتقاله عليه السلام.