وزار رابعة العدوية أصحابها، فذكروا الدنيا فأقبلوا على ذمها، فقالت: اسكتوا عن ذكرها وكفوا، فلو لا موقعها في قلوبكم ما أكثرتم من ذكرها، إن من أحب شيئا أكثر من ذكره.
وقال مطرف بن الشخير: لا تنظروا إلى خفض عيش الملوك، ولين رياشهم، ولكن انظروا إلى سرعة ظعنهم، وسوء منقلبهم، قال الشاعر:
أرى طالب الدنيا وإن طال عمره * ونال من الدنيا سرورا وأنعما كبان بنى بنيانه فأقامه * فلما استوى ما قد بناه تهدما.
وقال أبو العتاهية:
تعالى الله يا سلم بن عمرو * أذل الحرص أعناق الرجال هب الدنيا تساق إليك عفوا * أليس مصير ذلك إلى الزوال!
وما دنياك إلا مثل فئ * أظلك ثم آذن بانتقال.
وقال بعضهم: الدنيا جيفة، فمن أراد منها شيئا فليصبر على معاشرة الكلاب.
وقال أبو أمامة الباهلي لما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم: أتت إبليس جنوده وقالوا: قد بعث نبي وجدت ملة وأمة، فقال: كيف حالهم؟ أيحبون الدنيا؟ قالوا: نعم قال: إن كانوا يحبونها فلا أبالي ألا يعبدوا الأصنام، فإنما أغدو عليهم وأروح بثلاث: أخذ المال من غير حقه، وإنفاقه في غير حقه، وإمساكه عن حقه، والشر كله لهذه الثلاث تبع.
وكان مالك بن دينار يقول: اتقوا السحارة فإنها تسحر قلوب العلماء، يعنى الدنيا.