(373) الأصل:
أيها الناس متاع الدنيا حطام موبئ، فتجنبوا مرعاة قلعتها أحظى من طمأنينتها، وبلغتها أزكى من ثروتها، حكم على مكثريها بالفاقة، وأغنى من غنى عنها بالراحة، من راقه زبرجها أعقبت ناظريه كمها، ومن استشعر الشغف بها ملأت ضميره أشجانا، لهن رقص على سويداء قلبه، هم يشغله، وغم يحزنه، حتى يؤخذ بكظمه فيلقى بالفضاء، منقطعا أبهراه، هينا على الله فناؤه، وعلى الاخوان إلقاؤه.
وإنما ينظر المؤمن إلى الدنيا بعين الاعتبار، ويقتات منها ببطن الاضطرار، ويسمع فيها بإذن المقت والأبغاض، إن قيل أثرى قيل أكدى، وإن فرح له بالبقاء حزن له بالفناء، هذا ولم يأتهم يوم هم فيه مبلسون.
الشرح:
متاع الدنيا: أموالها وقنياتها.
والحطام: ما تكسر من الحشيش واليبس، وشبه متاع الدنيا بذلك لحقارته.
وموبئ: محدث للوباء، وهو المرض العام.
ومرعاة: بقعة ترعى، كقولك مأسدة فيها الأسد، ومحياة فيها الحيات.
وقلعتها بسكون اللام. خير من طمأنينتها: أي كون الانسان فيها منزعجا متهيئا