شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٩ - الصفحة ٢٧٦
(365) الأصل:
يا أسرى الرغبة، اقصروا، فإن المعرج على الدنيا لا يروعه منها إلا صريف أنياب الحدثان.
أيها الناس، تولوا عن أنفسكم تأديبها، واعدلوا بها عن ضراوة عاداتها.
الشرح:
ضري يضري ضراية مثل رمى يرمى رماية، أي جرى وسال، ذكره ابن الأعرابي، وعليه ينبغي أن يحمل كلام أمير المؤمنين عليه السلام، أي اعدلوا بها عن عاداتها الجارية، من باب إضافة الصفة إلى الموصوف، وهذا خير من تفسير الراوندي: وقوله: إنه من ضري الكلب بالصيد، لان المصدر من ذلك الضراوة بالواو وفتح الضاد، ولم يأت فيه ضراية.
وقوله: (يا أسرى الرغبة) كلمة فصيحة.
وكذلك قوله: (لا يروعه منها إلا صريف أنياب الحدثان)، وذلك لان الفهد إذا وثب والذئب إذا حمل يصرف نابه، ويقولون لكل خطب وداهية: جاءت تصرف نابها. والصريف: صوت الأسنان إما عند رعدة أو عند شدة الغضب والحنق، والحرص على الانتقام، أو نحو ذلك.
وقد تقدم الكلام في الدنيا والرغبة فيها، وغدرها وحوادثها، ووجوب العدول عنها، وكسر عادية عادات السوء المكتسبة فيها.
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»
الفهرست