وثالثها: من سل سيف البغي قتل به، كان يقال: الباغي مصروع وإن كثر جنوده.
ورابعها: من كابد الأمور عطب، ومن اقتحم اللجج غرق، مثل هذا قول القائل:
من حارب الأيام أصبح رمحه * قصدا وأصبح سيفه مفلولا.
وخامسها: من دخل مداخل السوء اتهم، هذا مثل قولهم: من عرض نفسه للشبهات فلا يلومن من أساء به الظن.
وسادسها: من كثر كلامه... إلى قوله: دخل النار، قد تقدم القول في المنطق الزائد وما فيه من المحذور، وكان يقال: قلما سلم مكثار، أو أمن من عثار.
وسابعها: من نظر في عيوب غيره فأنكرها، ثم رضيها لنفسه فذاك هو الأحمق بعينه، وكان يقال أجهل الناس من يرضى لنفسه بما يسخطه من غيره.
وثامنها: القناعة مال لا ينفد، قد سبق القول في هذا، وسيأتي أيضا.
وتاسعها: من ذكر الموت رضى من الدنيا باليسير، كان يقال: إذا أحببت ألا تحسد أحدا فأكثر ذكر الموت، واعلم أنك ومن تحسده عن قليل من عديد الهلكى.
وعاشرها: من علم أن كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه، لا ريب أن الكلام عمل من الأعمال، وفعل من الافعال، فكما يستهجن من الانسان ألا يزال يحرك يده وإن كان عابثا، كذلك يستهجن ألا يزال يحرك لسانه فيما هو عبث، أو يجرى مجرى العبث.
وقال الشاعر:
يخوض أناس في الكلام ليوجزوا * وللصمت في بعض الأحايين أوجز إذا كنت عن أن تحسن الصمت عاجزا * فأنت عن الإبلاغ في القول أعجز